نهجت أتفكر فيما تحتويه، وتفرزه الحياة بكلِّها.. وأقف منه فيما أكتب بعيدًا عن المباشرة فلها كتابها..
فنحن جميعنا نعيشها هذه الحياة.., لا ننفصل عن أحداثها، ولا عمن، وما فيها..,
لأن الانفصال الكلي عنها هو موت، والجزئي هو عجز.. ونحن قادرون وأحياء..
ولسنا غائبين عنها.., ولا هاربين منها.. وإن فعلنا فذلك وهم كبير..!
لكن أصحاب القلم تفاوتوا في أساليب نهجهم نحو الحياة، بما، وبمن فيها,... بمثل ما تفاوتت مهامهم وصفاتهم في مجال الكلمة..
الشاعر غير الإعلامي، والناثر غير المتكلم..
كل الناس يتكلمون بلا شك.. لكن ليسوا جميعهم يكتبون..
وكل الناس يخطُّون بالقلم، ولكن ليسوا كلهم يعبِّرون..
للحياة، وما، ومن فيها نبض آخر في كلمة المبدعين، والمفكرين، من شعراء، وناثرين، وخطباء, وناقدين..
بمثل ما لها نبض آخر في سطور الصحفيين، والإعلاميين، والمحامين، والمحققين، والقضائيين..
وقبلاً كانوا يصنفون الأدباء بمضامينهم، وأساليبهم لغتهم..., وكذلك الشعراء..
ولكلِّ مُتغَيِر ما يلزمه من المُتغَيَّر...
وفيهم كلُّ هؤلاء اتخذتُ الكلمةَ المنتقاة، حاملةً، ناقلةً, لمواقفي الفكرية عن الحياة, وما فيها، ومن فيها.. لماحة، غواصة، ...شراعاً، مجدافاً، دفة، مركباً.. ماءً... جسراً، ومرساةً، بمثل ما هي ومضة، ونور, ونبض, ولمحة, وغوص, وأبعاد.. مرسلة في إهابها, أو موجزة في جلالها..
ليلها ممتدٌ، ونهارها ساريٌ، وميزانها راجحٌ.., تقلقني فلا أضعها عن كتفي..
فهي الأبقى، والأقدر..والأريح..
حتى وإن مروا بها كراماً.. فلن تمر معانيها، ودلالاتها، ولا يتزعزع ثباتها..
الكلمة هي الثابت الوحيد في الحياة، وهي الناقل الأمين للحياة.. بكل, وبأي ما فيها...
لذا فهي إرث صاحبها حياً, وميتاً.., لا تخضع للتوزيع وراثة.., ولا توريثا..
لذا تسند الكتابات لأصحابها, فيشار إليهم بها..
لكن لوحظ بأن الكتابة الأدبية التي تحمل على سواعد بلاغتها، وكتوف بيانها، ورؤوس مقاصدها، قد تسوغ للسارقين سرقتها، تحديداً في عالم الافتراض الذي عج بمن لديه الإيمان المطلق بقيم التعامل مع «ممتلكات» غيره، بمثل ما عج، وازدحم، واختلط بمن كثروا ممن لا يؤمنون..
ولن يكون في وسع، ولا قدرة الكاتب ملاحقتهم، أو اللحاق بمن يتناقلون عباراته دون الإشارة إليه..
حتى أن أولئك الذين يوثقون فوق رؤوس مواقعهم برسميتها، أي بانتماء ما دونها لهم ..فإنهم عرضة سائغة للذين يغرفون، ويأكلون, من أطباق كلامه، دون أن يرجعوه إليه بإشارة، ولا بعبارة، ولا بمحبس أقواس..!!
قلت ذات يوم: ما أكتبه للقارئ، وهبته له، فمن سرق فسرقة مباحة..
ظني كبير في أنهم قلة من يأكلون من غير أطباقهم.., وينامون قريري العين فوق بُسط سواهم..!
غير أن الأمر يبدو ليس له ضوابط ذاتية كما ينبغي..
وقد اتسع بحره..!
مع أن هناك قوانين ملزمة بالتوثيق، لكن العبارات الأدبية المكثفة يبدو مجزية في إغراءاتها،...!!
وقد قدر لي ما أدهشني، أن أقرأ لغيري شيئاً هو لي، وقد جهل من تداوله أيهم كانت له تلك العبارات..؟
بمثل ما وجدت ذات يوم مقالين لي ذُيلا باسمين آخرين، أحدهما في صحيفة وطنية، والآخر في صحيفة أردنية..
وكلاهما تقادم عليه الوقت لكنه لم يفقد انتماءه أبداً..!
هذا الذي كتبت اليوم، على هامش قضايا الضوابط الذاتية التي شغرت أمكنتها في صدور بعض من الناس..
مع أنها مكينة عند كل ذي وعي.. في الصدور كلها..
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855