تحدثت في المقال السابق عن الحضور الإعلامي الأول للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وما دار في المقابلة التي أجريتها معه وبثتها قناة العربية.
وفي نصف ساعة لن أنساها ما حييت اقتربت فيها من الركن الثالث في السياسة السعودية، وعرفت أكثر عن رجل مختلف، بذكائه، وابتسامته وتواضعه، وانضباطيته.
لن أتحدث عن فيلمه السينمائي المفضل، ولا أكلته المفضلة، ولا فريق الأمريكان فوتبول الذي يشجعه، فقد رأيت بعيني كيف يعامل الأمير رجاله الذين يقومون بخدمته، يطلب منهم بكلمات مهذبة، ويشكرهم بامتنان صادق، ويعطيهم حقهم من الإطراء ويكافئهم على وفائهم له بوفاء أكبر، هذا ما رأيته وسمعته في زيارتي للأمير، وهذه مواقف يجب أن تسجل رغم أنها بعيدة قليلاً عن السياسة والشأن العام، عندما خرجنا من مجلس الأمير قابلنا في الحديقة أحد الوزراء الذي حضر لتهنئة الأمير، وتحدث معه، ثم التفت ورأى رجلاً كبيراً في السن ناداه الأمير بابتسامة.. وعندما حضر، قال لنا: هذا رفيقي يعمل معي منذ سنة 1965 ونعم الرجل كررها ثلاث مرات.. عاد الأمير للحديث مع الوزير وانتهزت الفرصة لأتحدث مع الرجل الذي قضى مع الأمير مقرن سنوات طويلة منذ أن كان ضابطاً صغيراً في القوات الجوية إلى أن أصبح اليوم الرجل الثالث في السلطة، قال: أنا فرحان لأن الأمير مقرن طيب ويخاف ربه وما يظلم أحد .. قالها الرجل العجوز ببساطة تختصر كل شيء.
يهتم الأمير بالزراعة ويتحدث عنها بعلم يتجاوز مقدرات المتخصصين الأكاديميين، ويمارسها بيده، يغرس ويسقي ويحصد، ويهتم كذلك بالفلك ويمتلك مرصداً عالي التقنية، ويضاف هذا إلى الطيران، والسياسة، والعسكرية، وهنا نعرف أنه رجل مجتهد حصل على معارف وعلوم مختلفة أثرت إيجاباً على شخصيته وحضوره.
رأيت في مكتبه تجهيزات تقنية عالية، بجانبه لاب توب حديث، وأحدث أجهزة الهواتف الذكية، ويتصفح باهتمام المواقع الإخبارية ويطلع على الملخصات الإعلامية وآراء المدونين، لغته الانجليزية راقية بجودتها وانطلاقها ومفرداتها، لفتت نظري وهو يتحدث عبر الهاتف.
جاء الأمير من مناصب مختلفة وغير متشابهة، ضابط طيار، أمير منطقة وهذا شأن له علاقة بالحكم المحلي وارتباط بالمواطن وهمومه اليومية والخدمية والأمنية، ثم رئيساً للاستخبارات، حيث السياسة والمهام المعقدة ذات الطابع الاستراتيجي، وهذا بلا شك دليل على مقدراته وخبرته.
قال الأمير في آخر النصف ساعة التي رأيته فيها: بلدنا يعيش نعمة كبرى، وهي وجود عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً وسلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد.. والله ثم والله همهما الأول والأخير رفاه المواطن وتحقيق العدل والأمن، وأنا منفذ لرؤيتهما وأوامرهما ويهمني أخي وابني المواطن السعودي.
سألت الأمير عن المرأة السعودية: قال هاهي تقوم بدورها كمواطنة في خدمة وطنها، ورأينا دخولها لمجلس الشورى لتساهم بعلمها وخبرتها وملتزمة بدينها وعقيدتها وهي أساس المجتمع ومدرسة الأجيال.
لو أردت تلخيص مقابلتي مع مقرن بن عبدالعزيز سأقول:
رجل قيادي لديه رؤية مستقبلية واضحة، ويعرف المجتمع ومكوناته، ويدرك أهمية المواطن وضرورة تلبية حاجاته التنموية، ويقرأ المشهد السياسي بذكاء ويمتلك دبلوماسية حاذقة.. يبتسم ويتواضع دون أن ينكسر أو يتساهل.
Towa55@hotmail.com@altowayan