الجزيرة – أحلام الزعيم:

حين تتجول في المنطقة ستبدو لك كما لو أنها قطعة من الحياة تقف في انتظار طلقة بداية مارثون من نوع خاص جدا, حيث السباق هنا بين عدسات الكاميرات. فخلال دقيقة واحدة فقط تعدك المحلات المنتشرة في كل مساحة ممكنة وغير ممكنة حول مبنى الأحوال المدنية الرئيسي في الوشم باستخراج 8 صور شخصية لك.

وحيث لا يمكن أن تجد من يقدم لك هذه الخدمة في أي استديو تصوير في تمام السابعة صباحا ستجد المحلات هناك وقد شرعت أبوابها في هذا الوقت المبكر لتتخطفك في صراع ضمني بينها. يلفت نظرك أيضا خلال جولتك الحضور المكثف لاستديوهات التصوير النسائية التي تستغل تخصصها النسائي في مضاعفة السعر. لا تقدم تلك المحلات هناك سوى خدمة تصوير الصور الشخصية المطلوبة للبطاقات ومعاملات الأحوال, فلن تجد فيها مثلا «شمسيات» بل لن تجد من ملامح الاستديوهات سوى كاميرا بسيطة وقطعة قماش بيضاء تشكل الخلفية المطلوبة وطابعة.

في أحد تلك المحلات لم تكن تتوقع – زهرة كريري- أن يتحول قدرها من زبونة تحتاج صور لمعاملتها إلى مصورة موظفة في الاستديو بما يجعلها تؤمن لأطفالها رزقا شريفا تحاول فيه مواجهة يتم أبنائها الخمسة بعد أن غادر زوجها الحياة. كان لدى «زهرة» معاملة في الأحوال ودخلت كزبونة إلى أحد استديوهات التصوير المجاورة لمبنى الأحوال, وأثناء حديثها مع صاحبة الاستديو عرفت أنها بحاجة موظفة سعودية تعمل لديها. أخبرت صاحبة الاستديو بظروفها وبأن مؤهلها العلمي «متوسط» لم يمكنها من إيجاد وظيفة وتفاعلت معها صاحبة الاستديو بدورها فعرضت عليها أن تتدرب ثم تعمل لديها في المحل. «كنت حريصة جدا على التدريب ودقيقة في تعلم التصوير بدقة, ففرصة الوظيفة بالنسبة لي كانت حاجة وتمسكي بهذه الفرصة أتى عبر دقتي في الالتزام بالحضور والتدرب».

مشوار «زهرة» في رعاية أبنائها في أوله فأطفالها الخمسة لا يتجاوز كبيرهم الـ13 عاما لكنها مع فرصتها الوظيفية بدأت تشعر ببعض الاطمئنان على صغارها وهو ما خلق لديها رغبة حقيقية في تطوير عملها وتطور معرفتها بالتصوير.

تصف «زهرة» أجواء المنافسة بأنها حرب ضمنية, فالاستديوهات المجاورة لمبنى الأحوال كثيرة والبعض لديه محلين في نفس المنطقة, والحاجة كبيرة لا تنقطع والإقبال مستمر طيلة ساعات عمل الأحوال, ولا مضايقات تحصل سوى ما وصفته بالمنافسة الشرسة من الاستديوهات الرجالية التي تقدم الخدمة نفسها بسعر أقل ما يدفع بعض السيدات للدخول إلى تلك الاستديوهات التي تقدم نفس هذه الصور بمبلغ يوازي 15 ريالا بينما تطلب المحلات النسائية 40 ريالا على نفس الخدمة وفرق الثمن يقع في دائرة الخصوصية التي توفرها تلك المحلات إضافة إلى توفير الوظيفة لبنات البلد من السعوديات المهتمات بالتصوير. وفيما يتعلق بالخدمات تعلق «زهرة»: «كل محل يحاول أن يقدم خدمة إضافية تجذب الزبائن إليه في إطار المنافسة القوية, بالنسبة إلي أقدم خدمات التصوير مجانا لكل الحالات الخاصة».