ربما يثير (البودي قارد) الواقف بحزم في ممرات الاحتفال وعند الأبواب والمنافذ بعضاً من (الاستفزاز) لدى الحضور إذا أخذنا في الاعتبار (فارق الثقافة) بيننا وبين الغرب الذي استوردنا منه هذا (النموذج) من الحراسات وضبط الأمن, فلا نتوقّع أن اللباس الأسود والعضلات المفتولة والجبين المقطب سيكون مقنعاً لنا كضابط أمن بقدر ما يكون صيغة (استفزازية) للكثيرين.
هذه المشاعر تلحظها بين الأحاديث الجانبية في الكراسي, وربما ارتفع الصوت لتسمع شيئاً من التعليقات على هذا النموذج الذي لا يغمض له جفن، واقف كتمثال من شمع يمكن أن يهيج ضد أي تحرك غير طبيعي في القاعة، وهو مستعد لأن (يدفع، ويغلق الأبواب، ويهدّد) فوظيفته في الاحتفال كما يراها هو (حمل) المشاغب المتوقّع ورميه خارج السور, هكذا هي المشاعر التي تنتشر في المكان حول تلك البدلات السود و(التي شيرتات) الغامقة.
انتشر هذا النوع من الحراسات مؤخراً كموضة جديدة, في الاحتفالات الـ (هاي كلاس) أو دونها بقليل، ولا نعلم هل هذا النوع من البشر أقصد (الهاي كلاس) بحاجة إلى كل هذا الضبط؟!! في تقديري أنهم أرقى من أن تحاصرهم البدلات السود, فهم أكثر انتظاماً وأكثر هدوءاً وأبعد ما يكونون عن الفوضى.
إذن، لماذا جيء بهم؟ ربما (هياط) مخملي، وربما (منظرة), وربما علامة على رفع (الأسعار)، وربما... إلخ، المهم أنه خيار غير منطقي ولا يتوافق مع الحدث, فهؤلاء مكانهم (التاون تاون) بكل محلاتها المتنوّعة.
في ثقافتنا، أن ترى جندياً نحيفاً، حنطياً، يقف مائلاً، وعيناه غائرتان، وخداه (منطعجان) باتجاه أسنانه، يهزه الهواء يمنة ويسرة، ترانا نأتمر بأمره، ونأخذ بكلامه, ونقدّر دوره الأمني في المكان, نشعر أنه جزء منا, وليس شكلاً مستورداً من الخارج.
منظمو الحفلات بحاجة إلى معرفة تفاصيل الثقافة المحلية والتعامل معها كواقع حقيقي بعيداً عن النماذج الغربية، فمثلاً إغلاق الأبواب في وجه الحضور أمر (يثير) الغضب ويشعر الناس بالدونية والاحتقار، ويزداد الأمر سوءاً عندما يغلقها من يلبس بدلة سوداء طولها متران.
nlp1975@gmail.com