الأزمات الكبيرة والإشكاليات عادة تبدأ صغيرة، ولأنها لم تعالج في وقتها ويتم القضاء على أولى بوادرها تكبر وتتسع ويصبح أمر معالجتها صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
والآن بدأت تظهر بوادر مشكلة كبيرة في العديد من مدن المملكة، وإن لم تعالج في بداياتها فإنها ستصبح أزمة كبيرة، إذ أخذ المواطنون وخاصة في المناطق الجنوبية، في جازان وعسير يتخوفون من تسلل أفراد من جنسيات إفريقية إلى أراضي المملكة، وإنهم يشكلون مجاميع ويقيمون في المناطق الوعرة والنائية ومن تلك ينحدرون إلى التجمعات السكنية حيث يقومون بأعمال إجرامية تتعلق بسرقة منازل وممتلكات المواطنين فيما تطورت أعمالهم إلى اعتراض المارة في الشوارع وسلب ممتلكاتهم، حدث هذا في بعض مدن منطقة جازان وعسير، كما أن الكثير من الأفارقة تسللوا إلى المدن داخل المملكة، ومع أن الجهات المسؤولة وخاصة حرس الحدود تتصدى لمثل هذه الأعمال حيث أعلنت المديرية العامة لحرس الحدود ضبطها أكثر من 338 ألف متسلل خلال العام الماضي، وأن دوريات حرس الحدود في منطقة جازان خلال 72 ساعة الماضية «فقط» أحبطت تسلل 616 إفريقيا إلى المملكة، وهو مؤشر على تزايد أعداد المتسللين إلى المملكة عبر سواحل جازان.
الخطورة في الأمر أن تجمعات الأفارقة التي نجحت الأجهزة الأمنية في تفكيكها والقبض على عناصرها، وجدت في حوزتها أسلحة وذخيرة مصدرها إيران، وهو ما يضفي شكوكا حول تجنيد هذه العناصر من قبل المخابرات الإيرانية وبالذات من الحرس الثوري الإيراني الذي يمتلك جهازاً خاصاً لتنفيذ الأعمال الإرهابية في دول الخليج العربية، وهو فيلق القدس، وقد سبق لإيران أن استغلت الحوثيين لأحداث اضطرابات على الحدود اليمنية، ولذلك فإن تدفق المتسللين الأفارقة، والذين يصنفهم البعض بأنهم من الإثيوبيين ليس هدفه البحث عن العمل فقط نتيجة انعدام فرص العمل في بلدانهم، إلا أن الأمر يتعدى ذلك لهز استقرار المملكة، وتذكر التقارير الأمنية أن حرس الحدود ضبط أكثر من 338 ألف إفريقي في عام واحد، وهو ما يطرح تساؤل عن العدد الذي استطاع الوصول إلى الأراضي السعودية، وهو أمكن رصده من خلال تجمعات الأفارقة والتي لم تعد مقصورة على مناطق جازان وعسير ومكة المكرمة، بل أصبح لهم تواجد في العديد من المدن الكبرى وحتى الصغرى في المملكة، وكثيراً ما تحدث صدامات ومواجهات بين المواطنين والأفارقة مثلما حصل في شرق الرياض وقرى جازان وجدة ومكة المكرمة.
هذه الظواهر تتطلب تحركاً سريعاً قبل أن يصبح تفشي المتسللين الأفارقة ظاهرة يصعب معالجتها وتستغل من قبل أعداء المملكة لهز الاستقرار واختراق أمنها.
jaser@al-jazirah.com.sa