* لدي قناعة أؤمن بها لاحظتها واقعاً لا تخرصاً: هذه القناعة أن المسؤول، وبخاصة صاحب المسؤوليات الكبيرة، كلما كان أوفر صمتاً وأقل تصريحات وظهوراً كان أكثر عطاءً وإنجازاً وعملاً فضلاً عن ذلك أن هناك مسؤولين تفرض عليهم طبيعة عملهم قلة ظهورهم الإعلامي.
ولهذه القناعة سببان أولاً: أن هذا المسؤول المنجز وظف ويوظف وقته للإنجاز والأفعال وليس للتصريحات والأقوال فهو آمن أن الوطن يريد منجزاً وعملاً.. وثانياً أن مثل هذا المسؤول المثمر يجزم أن الإنجاز لا يحتاج إلى كثير حديث فعمله الوطني هو الذي يتحدث عنه، ويثمن له المخلصون ذلك فضلاً عن كل ذلك أن هناك مسؤولين تفرض عليهم طبيعة عملهم قلة ظهورهم الإعلامي، بل إنهم يئدون رغبة حب الظهور من أجل هذا العمل الذي يخدمون به وطنهم جنوداً مجهولين مسخرين طاقاتهم ووقتهم بصمت وبعيداً عن الأضواء.
لقد أضحى المواطن من الوعي بحيث يعرف ويقدر من يخدم أبناء وطنه، بل يعرف منذ مضيِّ أول سنة ماذا قدم المسؤول للوطن دون أن يتكلم أو يتحدث إلا في حالات ومناسبات تتطلب ذلك، فالشمس لا يعنيها أن يقال أنها مضيئة!.
تأملوا أسماء المسؤولين وستجدون أن أكثرهم عطاءً هم أكثر صمتاً ذلك أن هؤلاء نذروا وقتهم وجهدهم للعمل الوطني النبيل وليس للتصريحات والوعود السرابية، أما غالبية الصنف الآخر فهو يسعى ليستر ضآلة إنجازه بكثير الكلام والظهور، وقديماً قال الشاعر الحكيم:
وما الْحليُ إلا زينة من نقيصة
يكمل من حسن إذا الحسن قصَّرا
=2=
الخليفة ابن بائعة اللبن..!
* أما ابن بائعة اللبن فهو سيدي الخليفة عمر بن عبدالعزيز.. إنه ابن بنت تلك “البنت” التي أبت أن تخلط اللبن بالماء لأن الله يراها.. ولو لم يرها الخليفة عمر بن الخطاب, كما ورد في القصة المشهورة.
ومن أجل هذا السبب, الخوف من الله, خطبها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابنه عاصم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً, وليكن من ذريتها عمر بن عبدالعزيز.
هذا هو ابن بنت بائعة اللبن التي خافت الله, وكان من نسلها هذا الخليفة الزاهد الذي كان أنموذجاً في الزهد والصلاح والتقوى والخوف من الرحمن.
لقد توقفت ذات ليلة, ودمعت عيني وأنا أقرأ حكاية زوجته فاطمة بنت عبدالملك بن مروان حيث روت أن زوجها منذ ولي الخلافة “يقوم من الفراش متذكراً حاجة للرعية ويظل قاعداً حتى تبلل وجهه الدموع, فأحنو عليه وأضع الغطاء على جسمه, والله ما رأينا سروراً قط منذ صار خليفة, فيا ليت أنه كان بيننا وبين الخلافة بعد المشرقين”.
أي ورع وخشية من الله هذا.
رحمك الله يا عمر بن عبدالعزيز ورحم زوجتك.
=3=
الكلمة: الوردة
* أجمل كلمة هي الكلمة التي تتحول -كما يقول أحد الأدباء- إلى وردة في كف طفل..
وأبهى حرف هو ذلك الحرف الذي يتشكل أملاً على شفة يائس.. وبسمة على قلب بائس.
الكتابة الأنقى هي التي تنقل قارئها وكاتبها من أوضار المادة إلى نضارة الحياة.. ومن سديم العناء إلى سلاف الإشراق الروحي.
=4=
آخر الجداول
* من أجمل الأبيات النبطية التي تفيض وتحّرض على ثقافة الاستمتاع بالحياة هذا البيت لجدي الشاعر محمد القاضي من قصيدة القهوة:
إليا حصل لك ساعة وأنت مشتاق
فاقطف زهر ما لاق والعمر ملحوق
لقد صدق!.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi