تسارعت الأحداث ذات العلاقة بالثورة السورية، إذ شهدت العواصم الأوروبية والعربية تحركات من شأنها تفعيل الجهود الرامية إلى تحقيق حل ينهي الأزمة السورية، وسجل في هذا السياق ما اتخذه المجلس الوزاري في جامعة الدول العربية الذي أوصى بشغل الائتلاف السوري مقعد سورية في جامعة الدول العربية إن استطاع الائتلاف تشكيل هيئة تنفيذية أو سلطة لإدارة الأراضي السورية المحررة وصولاً إلى إدارة الدولة السورية بعد إزاحة بشار الأسد. كما خطت جامعة الدول العربية خطوة متقدمة في دعم الثورة السورية بالسماح للدول العربية التي ترغب في تقديم الأسلحة إلى الثوار. ويأتي التحرك العربي موازياً لما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلن وزير خارجيتها بدء تقديم الدعم العسكري للثوار بعد التأكد من الجهة التي يصل إليها هذا الدعم مع أخذ الاحتياطات من قبل الجيش السوري الحر بعدم وصول الأسلحة المقدمة إلى الجماعات المتشددة، كما خطت بريطانيا خطوة متقدمة بتقديم مركبات وأسلحة دفاعية، وهو ما يتوافق مع الاتجاه العام بتسليح المعارضة السورية بأسلحة تمكنها من الدفاع عن المدن السورية التي تتعرض لهجوم شرس من القوات الحكومية التي تستعمل الصواريخ والطيران الحربي والمدفعية البعيدة لتدمير المدن السورية، وخاصة المحافظات والمدن التي اكتمل تحريرها وأصبحت تدار من قبل اللجان الثورية الشعبية كمحافظة الرقة التي تتعرض لوابل من الصواريخ وهجمات الطائرات المقاتلة، وتسعى قوات بشار الأسد على تدمير مدن الرقة مثلما فعلت مع مدن محافظة دير الزور وبالذات مركز المحافظة دير الزور وجارتها مدينة أبوكمال، وهو الأسلوب نفسه الذي تقوم به قوات بشار الأسد ضد المحافظات التي تنجح في إخراج قواته، مثلما حصل ويحصل لمحافظة حلب التي دمرت مدنها، وما يحصل لمحافظة حمص التي لم يكتف عسكر بشار الأسد على تدمير مدنها بل القيام بعمليات عزل طائفي، حيث يتم إخراج أهل السنة من المحافظة وإبقاء العلويين رغم قِلَتهم، وذلك بهدف تهيئة الأرضية لإقامة دويلة طائفية تضم محافظة الساحل ومحافظة حمص وربطها بالقرى الحدودية مع لبنان. وهناك تنسق بين كتائب بشار الأسد وبين عناصر حزب حسن نصر الله الذين يشنون حرباً متواصلة على قرى القصير في محافظة حمص لإجبار سكانها -وجميعهم من أهل السنة- على مغادرة مناطقهم وإحلال بدلاً منهم من أتباع حسن نصر الله أو من العلويين الذين بدأوا في إخراجهم من الناطق التي لا يستطيعون الاحتفاظ بها.
عمليات الفرز الطائفي التي تتسارع وبالذات في مناطق الساحل ومحافظة حمص والقرى الحدودية مع لبنان استثارت غضب المواطنين السوريين الذين يرون فيها البدء الفعلي لتحقيق التشطير في سورية والبدء في تنفيذ الانفصال وإقامة الدويلات الطائفية، ولذلك خرجت مظاهرات شعبية منددة بأعمال النظام السوري ومساندة حسن نصر الله لمثل هذه الأفعال المشينة التي تضر عموماً بالأمن العربي العام.
jaser@al-jazirah.com.sa