|
الدمام - فايز المزروعي:
توقع محللون ماليون تحسن أداء سوق الأسهم السعودي ولكن بصورة بطيئة وحذّرة، مرجعين بطء تأثر السُّوق بالارتفاعات القياسية للأسهم الأمريكيَّة والأوروبيَّة وبعض المؤشرات في آسيا، إلى عدَّة عوامل من أهمها السيولة النقديَّة، والعامل النفسي لدى المستثمرين في السُّوق السعودي الذين يتأثرون مباشرة بموجات الهبوط الخارجيَّة، ويتخوفون من الارتفاعات.
وأوضح المحلل المالي محمد العمران لـ»الجزيرة» أنّ سبب عدم تأثر السُّوق السعوديَّة بِشَكلٍّ كبيرٍ بما حدث من ارتفاعات في الأسواق العالميَّة خصوصًا السُّوق الأمريكيَّة، يعود إلى اختلاف الظروف الاقتصاديَّة بين هذه الأسواق والسُّوق السعودي، سواء كان من ناحية الاستقرار الاقتصادي، أو من ناحية السيولة النقديَّة الكبيرة وخطط التيسير الكمي والتحفيز.
وكان سوق الأسهم السعودي قد أنهى أول أسبوع من شهر مارس الجاري على مكاسب طفيفة بنحو نقطة واحدة، مغلقًا عند الـ7000 نقطة، حيث استهل السُّوق الأسبوع ذاته على ارتفاع بنحو 19 نقطة، قبل أن يعكس اتجاهه للتراجع ولثلاث جلسات متتالية، ليعود ويرتد في آخر جلسات هذا الأسبوع للارتفاع، حيث تباين أداء الأسهم هذا الأسبوع، إِذْ أغلقت أسهم 59 شركة على ارتفاع، فيما تراجعت أسهم 85 شركة، واستقرَّت أسهم 12 شركة عند مستواها السابق، حيث سجَّلت قيم التداولات هذا الأسبوع تراجعًا ملحوظًا، منخفضة دون الـ20 مليار ريال، وبلغت قيمتها 19.44 مليار ريال هي الأدنى منذ الأسبوع المنتهي في 28 سبتمبر 2011م.
وفي المقابل سجَّلت أسواق الأسهم الأمريكيَّة والأوروبيَّة وبعض المؤشرات في آسيا، في وقت إغلاق السُّوق السعودي الأربعاء الماضي أعلى مستوياتها منذ بداية الأزمة الماليَّة العالميَّة قبل أكثر من أربعة أعوام، وسط زيادة التَّفاؤُل بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، حيث ارتفع مؤشر ستوكس يوروب 600 القياسي بنسبة 0.2 في المئة ليصل إلى 294.70 نقطة، كما ارتفعت بورصة فرانكفورت لتصل إلى نحو ثمانية آلاف نقطة في أعلى مستوى لها منذ مطلع عام 2008، كما أنهى مؤشر نيكاي القياسي في بورصة طوكيو التعاملات على أعلى مستوياته منذ تشرين الأول (أكتوبر) عام 2008، أما مؤشر داو جونز الصناعي الأمريكي قد سجَّل مستوىً قياسيًّا عند 14254 نقطة وسط صدور مجموعة من البيانات الاقتصاديَّة الإيجابيَّة الأمريكيَّة، وفي آسيا سجَّلت الأسهم اليابانيَّة في ختام تعاملات في بورصة طوكيو للأوراق الماليَّة ارتفاعًا كبيرًا مدعومة بصعود الأسهم الأمريكيَّة ببورصة وول ستريت في نيويورك ليصل مؤشر نيكاي القياسي إلى أعلى مستوياته في أربعة أعوام ونصف العام، وارتفع مؤشر نيكاي القياسي بمقدار 248.82 نقطة بما يعادل 2.13 في المئة ليصل إلى 11932.27 نقطة وهو أعلى مستوى له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2008م، كما سجَّل مؤشر توبكس الأوسع نطاقًا وصعودًا بمقدار 14.6 نقطة أيّ بنسبة 1.48 في المئة إلى 1003.22 نقطة.
وبالعودة للمحلل العمران قال: إن الاقتصاد السعودي أكثر استقرارًا من الاقتصاد الأمريكي، ولكن السُّوق الأمريكي يتمتع بسيولة عالية جدًا تدفع مؤشرة إلى الارتفاع في الوقت الحالي، إلى جانب تمتعه بخطط للتيسير الكمي والتحفيز، وتخفيض أسعار الفائدة التي قد تصل إلى الصفر، أما السيولة النقديَّة في السُّوق السعودي تُعدُّ عادية مقارنة مع نظيرتها الأمريكيَّة، وهو ما يؤثِّر على ارتفاع السُّوق إلى مستويات كبيرة.
وأضاف أن وضع سوق الأسهم السعودي يُعدُّ جيّدًا في الوقت الحالي وارتفاع المؤشر من أربعة آلاف نقطة إلى سبعة آلاف نقطة يُعدُّ مؤشرًا لنموٍّ جيدٍ، لافتًا إلى أنّه يمكن للسوق السعودي أن يرتفع إلى مؤشرات كبيرة جدًا في حال تَمَّ ضخ سيولة كبيرة في السوق، ولكن ذلك سيُؤدِّي إلى تضخَّم كبير في الجانب المعيشي، وهذا ما يميز الاقتصاد السعودي الذي يتمتع بالاستقرار والتوازن، ومراعاة جميع الجوانب.
من جهته، بيّن المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعوديين عبد الله البراك، أنّ هناك عامل ارتباط مشترك بين السوقين السعودي والأمريكي يتمثَّل في قطاع النفط والبتروكيماويات، لكن السُّوق السعودي يختلف عن غيره من الأسواق العالميَّة الأخرى سواء كانت الأسواق الأمريكيَّة أو الأوروبية، في أنَّه أكثر إتزاناً واستقراراً.
وأكَّد البراك، أن المشكلة في السُّوق السعودي تتمثل في تأثر المستثمرين نفسيًّا على جميع مستوياتهم، بالأسواق الأخرى، ففي حال هبوط الأسهم العالميَّة ينعكس ذلك مباشرة على المستثمرين وبالتالي على السُّوق بوجه عام، وفي حال الارتفاع الخارجي قد لا يتأثر السُّوق أو يتأثر بِشَكلٍّ بسيط والسبب خوف المستثمرين من هبوط الأسهم في الأسواق الخارجيَّة، أيّ أن العامل النفسي لدى المستثمرين في السُّوق السعودي يؤثِّر على أداء السُّوق دائمًا، وذلك لتأثرهم بتقلُّبات وهبوط الأسهم الأمريكيَّة والأوروبيَّة أكثر من مستثمري تلك الدول.
وقال البراك: إن الارتفاع في السُّوق الأمريكي يُعدُّ طبيعيًا في الوقت الحالي، لوجود السيولة العالية، ونظام المكرَّرات المستقبلية التي يعتمدون فيها على متوسِّط لأكثر من 300 بنك استثماري، وبالتالي يمكن لأيِّ مستثمر أن يعرف المكرَّرات لأيِّ شركة بعد عام مثلاً، وهذا ما يفتقده السُّوق السعودي، وخير مثال على ذلك ارتفاع منتجات البتروكيماويات بينما لم يتأثر هذا القطاع في سوق الأسهم السعودي في هذا الارتفاع، متوقعًا أن يشهد سوق الأسهم السعودي تحسنًا ملحوظًا في عام 2013 خصوصًا مع استقرار أسعار النفط التي تدعمها وتطالب بها تصريحات العديد من المسؤولين على مستوى العالم.
أما المستشار الاقتصادي سعد آل حصوصة، فأكَّد لـ»الجزيرة» ضرورة عدم إغفال تطورات الأسواق الماليَّة العالميَّة وربطها دائمًا بالسُّوق السعودي، التي يتأثر كغيرة من الأسواق بِعدَّة عوامل على الأصعدة السياسيَّة والاقتصاديَّة، ولكن بصورة بطيئة وحذّرة.
وقال «العامل النفسي لدى المستثمرين في السُّوق له دور مهم، ولكن الكثير منهم يتابعون بِشَكلٍّ كبير ويتخوفون من هبوط الأسهم العالميَّة، وبالتالي ينعكس ذلك على أداء سوق الأسهم السعودي، على عكس تأثرهم بارتفاع هذه الأسواق» متوقعًا أن يستمرّ السُّوق في أدائه الإيجابيّ خلال الفترة المقبلة، في حال استمرار المؤشرات التَّفاؤُلية لدى المستثمرين، عقب توزيع أرباح الشركات القياديّة.
وأضاف آل حصوصة «لا بُدَّ ألا نغفل ما يتمتع به الاقتصاد السعودي عمومًا من استقرار ومتانة ونموٍّ، كما أنَّه يمرُّ بأفضل مراحله، إضافة إلى أن المملكة تمرُّ بطفرة نقدية لا مثيل لها، وإن كان هناك تقييمٌ للاقتصاد السعودي على المستوى العالمي، فسيستحوذ على الصدارة بِكلِّ ما تعنيه الكلمة، حيث إن انخفاض مؤشر السُّوق السابق، لا يعكس القُوَّة الاقتصاديَّة والطَّفْرة التنموية التي تمرُّ بها البلاد، مع ارتفاع أسعار البترول وزيادة الإنتاج.