|
الجزيرة - علي بلال - واس:
في ختام ندوة مفتوحة نظمتها المؤسسة العامَّة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أول من أمس، حول دور المجتمع في مجال تعزيز التبرع بالأعضاء، أعلن فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد المطلق عن تبرعه بأعضائه بعد وفاته ووقَّع على استمارة التبرع الخاصَّة بذلك. وأقيمت الندوة بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز مساعد وزير البترول والثَّرْوة المعدنية لشؤون البترول المشرف العام على جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيريَّة لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وذلك في قاعة المملكة بفندق الفور سيزون بالرياض.
كما أوضح مدير المركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل بن عبدالرحيم شاهين أن المملكة خطت ولله الحمد خطوات كبيرة في مجال زراعة الأعضاء، فبعد أن كانت العمليات التي تجرى داخل المملكة في الثمانينيات قليلة جدًا طوال العام أصبح بفضل منَّ الله يجرى حاليًا في المملكة من 3 إلى 4 عمليات يوميًّا طوال العام، مشيرًا إلى أن نسبة نجاح هذه العمليات تماثل نسبتها في المراكز المتخصصة بالدول المتقدِّمة في هذا المجال.
وبيَّن أن مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بإنشاء المركز الوطني للكلى كانت خطوة جبارة في إنقاذ الكثير من مرضى الكلى بمشيئة الله بالرغم من النَّقص في الأعضاء على المستوى المحلي أو العالمي. وفي الجانب الشرعي حول موضوع زراعة الأعضاء أوضح معالي المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد أن موضوع زراعة الأعضاء يعد موضوعًا مهمًا ويجب توعية الجمهور به ليصبحوا أكثر وعيًا وتبصرًا بهذا الموضوع. وقال معاليه: إن الجانب الشرعي فيما يتعلّق بعموم زراعة الأعضاء إذا كان المتبرع متوفى فإنَّ أغلب المجامع الفقهية بما فيها هيئة كبار العلماء أجازت هذا الموضوع بضوابطه الشرعيَّة المعروفة، مبينًا أن القضية التي يمكن التَّحدُّث عنها هي المستجدات في مجال زراعة الأعضاء التي تحتاج إلى مزيد من الطَّرح والمناقشة بين الفقهاء والأطباء.
وأضاف فضيلته أنَّه لا بُدَّ من الاهتمام بموضوع تبرع الحي، من ناحية إذا كان المتبرع يهلك مع التبرع فهذا لا يجوز بالإجماع، ومن ناحية نقل عضو من الشَّخص إلى نفسه كقطع جزء من جلده إلى أجزاء محروقة من جسده، نرى جوازها إذا لم يترتَّب على العملية ضرر مع ضمان نجاحها بإذن الله تعالى.
من جانبه أوضح عضو هيئة كبار العلماء معالي المستشار بالديوان الملكي الشيخ عبد الله بن محمد المطلق أن التبرع بالأعضاء هو بمثابة صدقة جارية من حي إلى حي أو من ميت إلى حي، عادًا ذلك وقفًا للمتوفى، وأمرًا يجب إشاعته بين أفراد المجتمع والحث عليه وتثقيف جميع أفراد المجتمع به، مضيفًا أن الله يحب الخير والنَّفع ويقبل الصدقات، فتوعية النَّاس بهذا الأمر فيه خيرُ كثير ومنفعة عظيمة تعود على أبناء هذا الوطن الكبير.
كما أوضح عضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ أن جملة من النصوص الشرعيَّة في القرآن الكريم والسنَّة النبويّة الطاهرة جاءت تدعم هذا التوجُّه بالتبرع بالأعضاء، فالراحمون يرحمهم من في السَّماء فأي رحمة تلك التي تقع على من هم بحاجة لزراعة عضو، ومن أحيا نفسًا كأَنَّمَا أحيا النَّاس جميعًا، قال رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمى»، وقال عليه الصَّلاة والسَّلام أيْضًا: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا»، من هذه النصوص النبوية نستخلص أهمية التبرع بالأعضاء وأن الشريعة السمحة جاءت داعمة لهذا التوجه.
وحول دور جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيريَّة بيّن صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز المشرف العام على جمعية «كلانا» أن جمعية الأمير فهد بن سلمان عملت مع مستشفى الملك فهد التخصصي في مجال زراعة الكلى، وقاما ببرامج ومناشط مُتعدِّدة، وهي تتعاون أيْضًا مع الجمعية الوطنيَّة لأمراض الكلى التي تُعدُّ جمعية علميَّة متخصصة، وأيْضًا تتعاون مع كل الجهات الصحيَّة التي تهتم بشأن مرضى الفشل الكلوي ورعاية المرضى وذويهم وأسرهم.
وأفاد سموه أن انطلاق جمعية «كلانا» جاء بجهد ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- للوقوف مع مريض الفشل الكلوي وأسرته والتخفيف من معاناته المرضية، حيث اجتهد سموه في أن ينشئ أول مركز لزراعة الأعضاء في الشرق الأوسط ابتداءً بزراعة الكلى، ثمَّ طوّر إلى زراعة الأعضاء بِشَكلٍّ عام، ثمَّ تطوّر الموضوع إلى إنشاء بعض مراكز غسيل الكلى منها مركز الأمير سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي الذي يستفيد منه حوالي 500 مريض في مدينة الرياض، مشيرًا إلى أنّه -حفظه الله- ترأس تلك الجمعيات وحرص على ترؤسها لما تحققه من نفع عام.
وأوضح سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان أن جمعية كلانا قدَّمت العديد من البرامج للعناية بمرضى الكلى بالتعاون مع العديد من الجهات التي تسهم في إعداد هذه البرامج، والرؤية العامَّة للجمعية أنَّها لا تعمل بالبرنامج دون الرجوع إلى المختصين المعنيين في كلِّ شأن من هذه البرامج، مبينًا أن الموضوع كان يستوجب فتوى سواء فيما يتعلّق بالمصارف والزكاة أو الحسابات الخاصَّة، مستذكرًا فتوى إجازة استفادة مرضى الفشل الكلوي من مصارف الزكاة، التي كان لها دورٌ مهمٌ وفاعلٌ في أن تعالج الجمعية المرضى.
وقال سموه: إن الجمعية تعالج الآن ما يقارب 800 مريض جزء كبير منهم يصرف عليهم من الزكاة، وهذا شقٌ من الجوانب التي نسعى إليها في أن نعتمد على أصحاب الاختصاص حتَّى تكون لهذه البرامج الموثوقية الكافية مما يعزِّز من رغبة المتبرع في التبرع سواء بأعضاء أو بمال أو بجهد أو بوقت بما في ذلك إرسال الرسائل عبر الجوال.
وأضاف لدى الجمعية لجنة طبية عدد أعضائها قارب 25 عضوًا ونتشرَّف بأن هؤلاء من أبناء وطننا الغالي ويعدون مرجعًا لأطباء عالميين، مبينًا أن الأطبَّاء وفضيلة المشايخ يبادرون ويعملون مع الجمعية احتسابًا لا يريدون جزاءً ولا شكرًا، وكان لمبادراتهم دورٌ كبيرٌ في نجاح الكثير من البرامج التي تقدمها الجمعية.
ومضى سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان يقول: إن من البرامج التي سعت إلى إنشائها جمعية «كلانا» برنامج التبرع بالأعضاء لغير الأقارب الذي استفاد منه مرضى الفشل الكلوي، مشيرًا إلى أن الفائدة عممت لِكُلِّ المحتاجين للتبرع بالأعضاء من غير الأقارب في مجالات أخرى على سبيل المثال زادت عمليات زراعة الكلى حوالي 10 في المئة في السنة بـ 73 حالة إضافية في السنة، وزادت عمليات زراعة الكبد 10 في المئة بـ 30 حالة في السنة.
وأضاف سموه أن مجمل من استفاد من هذه البرامج حتَّى الآن أيّ من قبل 30 عامًا تقريبًا كالتالي: الكلى بلغت عمليات الزراعة 7660 عملية، والكبد بلغت عمليات زراعته 1240 عملية، والرئة 94 عملية، والقلب 228 عملية، والقرنيات 663 عملية، والبنكرياس 19 عملية.