بعد أسبوعين من التعرف على الزميلات القادمات من كل مناطق الوطن.. وأول أسبوع من جلسات المجلس.. أعود إلى ذاتي الخاصة, وحواراتي معكم خارج الإطار المكثف في السلام والكلام والنقاش عن ما نحتاجه من تفعيل للتعليمات والقوانين ما استجد منها وما كان موجودا دون تطبيق، وعن ما يجب أن يستجد من تطوير لآليات النظام واستقطاب لرضا المواطن وبناء وعي الممارسة العامة لما يرضي الله.
أفتقد ظلال منزلي في الظهران وافياء أشجار الشوارع وأحبائي الأقربين.. ولكني سعدت بتكوين معارف زمالة عمل جديدة, آمل أنها ستزدهر إلى صداقات واعدة ستؤسس للوطن خارطة أوسع وأجمل وأكثر حميمية وتكاملا.
هناك أكثر من نظرية علمية تفسر تكوين المجتمع وتفاصيل تصرفات أفراده: منها أن معتاداتنا البشرية النابعة من محاولات التأقلم مع البيئة المحيطة, والأعراف التي بنيت عليها في سبيل بقاء المجموع, وفهمنا الفردي أو الفئوي لها, تصبح خارطة بشرية متوارثة فينا تملي تصرفاتنا وممارساتنا وعلاقاتنا الخاصة والعامة.
وهناك اشتياقات إنسانية وبشرية فطرية. في قلب الأجواء الصحراوية ننجذب لأي بقعة اخضرار ونبتهج بأي نسمة منعشة أو وميض زهر يقاوم صولات الغبار المتراكم مع عصور من الجفاف الجيلوجي, ونتوجس من احتمالات كائنات الرمل المحتمية به من غزو البشر.
ما أتوجس من قوة تأثير غبار أجوائنا أنها قد تعمي بعضنا عن ثوابت أهم تطالبنا بممارسة الارتقاء بالمشترك الإنساني العام وتحض على الاحتفاء بالآخر والاحترام المتبادل والثقة والتعاون والوفاء والإخلاص.أحس موروثاتنا الجغرافية البيئية المجتمعية تفرض وطأتها على قدرات الفرد في التوصل للمجتمع الإنساني الأفضل كما فصلته عقيدتنا الراقية.
أقرر بيني وبين نفسي أن أبحث عن حلول إيجابية جذرية واضحة ومقبولة للقضايا التي يعاني منها المواطن.. ذلك ما سيبني الشعور بالمواطنة والانتماء والسعادة على المدى المستمر.
و سيكون الأمر كما جاء في أول توجيه: «هدفنا جميعا مع التوكل على الله على تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية التي لا تندفع على العجلة التي تحمل في طياتها ضجيجا بلا نتيجة. التطور الذي نسعى إليه قائم على التدرج بعيدا عن أي مؤثرات. اعلموا أن مكانكم ليس تشريفاً بل تكليفاً وتمثيلاً لشرائح المجتمع لذلك فإن له تبعاته في المسؤولية التي تفرض عليكم تحكيم العقل في أي مسألة تعرض عليكم.. واسأل الله لكم التوفيق».
أسأل الله لنا التوفيق..
ربيعنا -بإذن الله سبحانه- سيكون حقيقيا مثمرا بجهود تزرع في الوطن والمواطن الوعي بالمستقبل برؤية واضحة وإستراتيجية إيجابية تهدف لإسعاد الجميع بمواطنة إخلاص متبادل وباق على المدى الطويل.