|
بقلم - جونا ساكس:
على امتداد أكثر من قرن، كان للأفلام الدور الرائد كأهم أداة لرواية القصص في العالم، مع الإشارة إلى أن الحجم الكبير لشاشة العرض الفضية، وثقة هوليوود بأن ما تنتجه قادر على استقطاب انتباه الحضور لنحو ثلاث ساعات، والموازنات بمئات ملايين الدولارات – هي أمور تؤكد على سيادة هذا النوع من الفن.
ولا عجب إن أقدم المعلنون بحماسة، طوال عقود، على عرض منتجاتهم باستعمال هذه الآلات المتّقنة التي تسمح برواية القصص. ويبدو هذه الأخيرة بطبيعتها تنبئ بتحقيق فوز – وخصوصاً في ظل افتراض بأن القصص المروِّجة للعلامات التجارية لن تتمكن يوماً من منافسة هوليوود.
إلا أن هذه الافتراضات سرعان ما ستصبح بائدة، حيث إن التكنولوجيا تجعل الروايات حول التجارب المرتبطة بالعلامات التجارية تستقطب الأنظار شأنها شأن أحدث فيلم رائج ستصدره هوليوود عمّا قريب. وبدلاً من إظهار المنتج في عرض تلفزيوني – حيث يدفع المعلن مالاً لربط منتجة برواية من تأليف آخرين – ندخل عهد إظهار الرواية في الأفلام، وتقوم على استخدام كثيف للإبداع في كل خطوة على صلة بتجربة المستهلك، بُغية تحويل العلامة التجارية بحد ذاتها إلى رواية تتبلور أحداثها باستمرار. وأرى ثلاثة تغييرات من شأنها توجيه هذه الممارسة الناشئة التي تقوم على إظهار الرواية في الأفلام:
1. ستبني العلامات التجارية «عالماً لكل قصّة» بدلاً من إعلانات تلفزيونية تمتد على 30 ثانية، مع العلم بأن العلامات التجارية الراغبة في خلق التزام فعلي لدى المستهلكين بحاجة إلى إنشاء مضمون متداوَل عبر المنصات المختلفة، بدءاً بالقصص التلفزيونية، ومروراً بالتجارب التفاعلية، قبل بلوغ ذروة من خلال إنشاء حدث في الحياة الواقعية، ويتطلب شخصيات حيّة ترزق، وحبكة تتبلور مع الوقت وأماكن تسمح للجمهور بالتدخّل.
2. ستكون رواية القصص موجهة إلى الحشود. وقد كثر الكلام في أيامنا هذه عن رواية القصص المستوحاة من الجمهور – ولكنها لم تحقق أي نجاح تقريباً. ويعود السبب إلى أن مجرّد الطلب من جمهورك أن يروي قصتك مصيره الفشل. ومن الضروري أن ينشئ مدراء العلامات التجارية عالماً خاصاً بقصة علامتهم التجارية، قبل أن يتم توجيه القصة إلى الجمهور.
3. في المستقبل، ستتسبب رواية القصص بنوعين متضاربين من الضغوط الممارَسة على المعلنين، يكمن الأول في الحاجة إلى المصداقية، وإن كان الأمر مرتبطاً بإنشاء عالم درامي خيالي. وبالتالي، وفي حين تُعطى الأولوية للإبداع، يطالب الجمهور بألا تكون الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال مبهمة.
هل أنّ هذه الأدوات الجديدة المستعملة لإظهار القصص في الأفلام ستسمح بارتقاء مقام قصص العلامات التجارية إلى مستوى أكبر أفلام هوليوود؟ أتوقع أن تجيب أولى العلامات التجارية المغامرة في هذا الاتجاه بنعم، وذلك في غضون خمس سنوات. ويبقى أن نطرح السؤال: التالي: ما هي أولى العلامات التجارية التي ستصل إلى هذا المقام؟
- (جونا ساكس شريك مؤسس ورئيس تنفيذي لشركة «فري رينج ستوديوز»، ومؤلف كتاب: «الفوز بحروب القصص: لماذا سينجح مخبرو أفضل القصص ومختبروها في التحكّم بالمستقبل» Winning the Story Wars: Why Those Who Tell _ and Live _ the Best Stories Will Rule the Future).