ذهب طلبتنا إلى اليابان في أقصى الأرض للتحصيل العلمي وهاهم يعودون حاملين معهم حصيلة ما اكتسبوه من علوم وخبرات من ذلك «البلد المتميز» حقاً: اليابان.
في تقرير هذه الجريدة «الجزيرة» في طوكيو المنشور في العدد الصادر يوم السبت الماضي الموافق 9 مارس 2013 بقلم أحمد الرشيد ورد أن الدفعة الأولى من الطلاب السعوديين والطالبات السعوديات سوف يتم الاحتفاء بها يوم الثلاثاء القادم في طوكيو باليابان.
هذه الدفعة تضم 86 خريجاً وخريجة، وكلهم متخصصون في المجالات الهندسية والعلمية. ولأن اليابان مهتمة بهذه التجربة فسوف يحضر الحفل رئيس وزراء ياباني سابق ونائب وزير التعليم والعلوم الياباني وثمانية مديري جامعات يابانية وبرلمانيون يابانيون، بالإضافة إلى قياديين من القطاع الخاص الياباني.
تجربة الابتعاث إلى اليابان مهمة للغاية؛ لأن اليابان نفسها إنما تمكنت من اللحاق بركب الدول الصناعية المتقدمة عندما اختارت أن ترسل أبناءها إلى الخارج لكي يكتسبوا العلوم والخبرات ويعودوا بها إلى الوطن. والتجربة اليابانية في هذا المجال مشهورة وأصبحت مثالاً يحتذى، فقد أرسلت طلاباً يابانيين إلى ألمانيا وبعض دول أوروبا والولايات المتحدة وتعلموا هناك فنون الإنتاج والهندسة والتدريب المهني، وعندما حذقوا ما تعلموه عادوا إلى بلادهم التي اقتفت في البداية آثار الدول الصناعية وقلدتها ثم تفوقت عليها!
وتجربة اليابان موجعة لنا نحن العرب. فاليابان، كما هو معلوم، حاولت أن تستفيد من التجربة المصرية في الابتعاث وذلك أيام محمد علي. وقد رأينا، للأسف، كيف تعثرت التجربة المصرية فلم تُؤتِ الثمار المأمولة بالكامل رغم أثرها النسبي الذي لا يمكن إنكاره. ولو كُتِبْ لتلك التجربة المصرية في الابتعاث أن تمضي في طريقها دون عثرات لكانت مصر ومعها العالم العربي الآن في موقع اليابان.
من حسن حظ اليابان أنها حظيت في تلك الفترة الحاسمة من تاريخها بحكومة مستقرة واعية، وهي فترة الأمبراطور «ميجي». ومن حسن حظ اليابان، أيضا، أن تلك الحكومة قد استمرت لفترة طويلة تمكنت خلالها من التخطيط ثم التنفيذ بعكس ما تكون عليه الحال عندما تكون الحكومات سريعة متعاقبة تنقض كلُ واحدةٍ منها ما خططت له سابقتها لكي لا يُقال إنها لم تأتِ بجديد.
واليوم تقف اليابان في مقدمة دول العالم الصناعية التي تثري حياة الناس في شتى أنحاء العالم بما تقدمه من منتجات في جميع الميادين والحقول من خلال شركاتها الصناعية العملاقة ذات الحضور العالمي.
ومما يدفعنا إلى التفاؤل بالنتائج المرتقبة للبعثة الطلابية السعودية لليابان هو أن حفل التخرج الذي يجري في اليابان تشارك فيه ثلاثون شركة كبرى يابانية، وذلك في إطار برنامج للتعاون الصناعي الأكاديمي لتدريب الطلاب السعوديين في هذه الشركات تمهيداً لتوظيفهم.
خطوة كبيرة موفقة، ومبروك لطلابنا وطالباتنا، ومبروك للوطن أولاً.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض