Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 11/03/2013 Issue 14774 14774 الأثنين 29 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

الإبداع خاصية ذاتية، وملكة تكوينية لا يمكن تجريدها أو قتلها..

إنه انتحاء جبري ناحية الخلق، مثلما تنتحي النبتة ناحية الضوء في كل الظروف، حتى تلك القاهرة منها. إنه دوافع النبتة في أن تطل برأسها من كوة ضيقة هاربة من صندوق مظلم صوب الضوء الشحيح الذي حث فطرة الانتحاء فيها.

هكذا يحثّ الإبداع مُصطفيه للاندلاع نحو الابتكار والتحليق مهما كانت بيئة المبدع ضنينة بالفنون.

ذلك ما يفسر لنا وجود مُبدع في مجتمع قاحل فنياً أو يُجرم الإبداع ويزهد به.

ولدينا نماذج كثيرة في المجتمعات ذات الثقافة المجحفة للفن والإبداع، سيرتهم سيرة نضال، في سبيل أن يزاولون ما وجدوا أنفسهم عليه في بيئة لا ترفضهم..

لأن الإبداع يخلق تلك الشراسة اللازمة لأن يتنفس، لذلك هو يظهر على الرمل رسما، أو على الورق تشكيلا، أو على الحنجرة غناءً، أو على الأعضاء والملامح تمثيلا، أو على الأنامل عزفا..أو..أو... لا شيء في الكون بإمكانه اجتثاث الفطرة، وفطرة المبدع فنه!.. الآن.. إذا كانت النبتة تنمو في صندق مظلم باتجاه كوة الضوء، وإذا كان المُبدع يتنامى في الصناديق المظلمة- الفقيرة بالإبداع أيضا ناحية الخلق والابتكار ككل الموهوبين في دول العالم الثالث.

تخيل معي الآن موهوب في بيئة ثريّة بالإبداع، تخيّل حجم الموهبة عندما تتجاوز الدماء وتجد لها فضاء مُحرضاً وحاضناً.

«دانيال دي لويس» سيغنيني عن التوضيح، الفنان الأسطورة الذي احتضن هوليود واحتضنته، هذا الممثل الذي قيل عنه إنه حين يؤدي دورا في فيلما فهو يتقمصه بكل خلاياه ففي فيلم « سيكون هناك دم / there will be blood « كان عصبياً حتى عندما يكون بعيدا عن الكاميرا ومع طاقم العمل، وفي فلم «عصابات نيويورك / Gangs of New York» كان ساكناً هادئاً.

وفي فلم « قدمي اليسرى /my left food» كانت دموعه حقيقيةً.

دانيال من بيئة فنية بامتياز فوالده شاعر الملكة: سيزيل دي لويس.

وشقيقه الأكبر: تاماسين دي لويس مخرج لأفلام وثائقية ومقدم برنامج طهي في التلفزيون.

ووالدته: جيل باكون ممثلة في الإذاعة والتلفزيون.

جده من أمه هو مايكل بايكون شخصية مهمة في تاريخ السينما البريطانية.

الآن وبعد معرفتنا ببيئته الخلاقة هل سيتبدد الاستغراب في حصوله للأوسكار للمرة الثالثة في سابقة تاريخية نادرة؟ فقد حصل على ثلاث جوائز أوسكار لأحسن ممثل الأولى عن دوره في فيلم «My left foot» عام 1989 والثانية عن دوره في فيلم «There will be blood» عام 2007 والثالثة عن دوره في فيلم»Lincoln» هذا العام..

أليست تلك نتيجة طبيعية لمسار عرفنا مبتدأه؟.

بالطبع نعم، لأن صناعة المُبدع تأتي من الطفولة، باحتضان فعلي وعملي لبذرة الإبداع، بوجود أنموذج ومثال للمجد.. بإعفاء المُبدع من صراع الوجود ليكرس كل طاقته في العطاء والخلق.. إنها تشبه حالة اعتكاف حقيقي وتفرغ كامل للموهبة.

فلماذا لا يكون لدينا أجواء كهذه في حال لم تستوعب العائلة توجه المبدع وحاجته لبيئة حاضنة ومُحرضة يلتجئ للمؤسسة التي تتكفل تفرغه التام لفنه؟! وهذا ليس تهميشا لدور النوادي الأدبية والجمعيات الثقافية، فما تقوم به من تكريمات وأمسيات ومعارض ودورات لشيء يُفخر به. لكن المُبدع قد يكون مبتلى ببيئة مُعيقة لعطائه، خانقة لإبداعه.

تخيل معي ثانية. والخيال بالمجان يا صديقي.

تخيل أن تكون لدينا مؤسسة تتبنى الموهوب ماديا ونفسيا وعملياً.. أين سيصل موهوبونا ومبدعونا؟!!

kowther.ma.arbash@gmail.com
kowthermusa@ تويتر

إني أرى
خطفتها إذن يا دانيال دي لويس!
كوثر الأربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة