لا شك أن الصدق يمنح الأمان في العلاقة أياً كان نوعها.. لكن لا تفزع كثيراً من الكذب.. فقد تكون أنت أحد أسباب المشكلة دون أن تلاحظ ذلك.. فالجميع يطالب بالحقيقة.. لكن ماذا عن مدى الاستعداد لمقابلة الصدق وجهاً لوجه وضمان رد الفعل المتعقل.. ومن ذا الذي يؤمن بحق الآخر في أن يكون كما هو.. ليمارس حقيقته دون استهجان منك على أقل تقدير لموقفك؟
مواجهة البشر دون أقنعتهم مهمة صعبة ومثيرة.. واحترام ضعف الإنسان أصعب.. وأعتقد أن المطالبة بالحقيقة لا بد أن يسبقها استعداد تام لتقبلها كيفما كانت.. وإنصات لوجهات النظر دون أحكام مسبقة.. فالتخلص من الصورة الذهنية عن أي أمر قبل الخوض فيه.. مرحلة أولى لشفافية الأخذ والرد.
فعندما تظن أنك مخدوع.. أو تم التعامل معك كمغفل.. قبل أن تهب للثأر من أجل كرامتك وكبريائك المجروحة.. تريث وابحث عن دورك في تضليل نفسك وأي إنسان كنت!
فالجهل مشكلتك وحدك.. لأن المعلومات متاحة لمن يبحث عنها فقط.. ولن ترتمي بحجرك كضربة حظ.. وكذلك التمسك برأيك وفرضه قسراً.. بداية لنسفك سراً أو جهاراً.. إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن تجمع الولاء بالقوة.. أو التحايل.. فمعادلة الولاء ثابتة لا يمكنك أن تغير أطرافها.. بالصدق وإيضاح مدى الفائدة العائدة على الآخرين من اتباعك وتبني قضيتك.. كل ذلك يضمن لك وفاء الآخرين.. لأن ضررك يعني ضررهم.. وباختصار فإن مصلحتك مرتبطة بمصالحهم.. ولأن اللعب على أي وتر آخر.. يتلاشى صوته فور اكتشاف إغراء آخر.. ولو كان عند منافسك أو عدوك.. فلا تبذر النفاق وتأمن الغدر.
وزد على ذلك في العلاقات العاطفية أن لا تنسى أن تترك الأبواب مواربة لحرية البقاء أو الرحيل دون أن تهمل إعلان أهميتهم عندك.. فكلمات كـ”براحتك.. بهواك.. بسلامتك.. إلخ” لها وقع أخطر من الغضب نفسه.. لأنها تقول لهم بشكل غير مباشر: لا أحتاجكم.. أنتم هنا تحت وطأة الحاجة.. وجودكم وعدمه واحد.
والمبتعد عنك قد يكون بحاجة لسبب كي يلتفت ويعود من حيث قرر الذهاب.. هكذا تكون ملامسة العاطفة دون تهميشها أو استغلالها.
فاترك للراحلين خط رجوع مفتوح.. فأنت لا تدري في معمعة القطيعة متى يجتاحك الحنين.
amal.f33@hotmail.com