عرف التاريخ الإسلامي عبر نظامه التعليمي الكتاتيب التي كانت نواة لأشهر المدارس الإسلامية في صورة مبسطة تقوم على الالتفاف حول المعلم المزود بخبرة معينة يعطيها للأطفال حسب جدول دراسي معلوم ووقت محدد لا يتجاوز على الأغلب في اليوم أربع ساعات قبل الظهر وبعده على أكثر تقدير، وعرف الغرب في فترته الحديثة أنظمة تعليمية متعددة من أشهرها نظام مونتيسوري الذي انتشر في الشرق والغرب، ويشير إليه الكثير باعتباره أنجح الأنظمة التربوية التي تعتمد على تفجير طاقة الأطفال عن طريق الحركة والتعلم التفاعلي.
بين هذين النظامين: ومن واقع مدارسنا التي أرهقت كواهل أطفالنا بحقائب مدججة بالكتب عدا الدوام الممتد من السابعة صباحاً إلى الثانية ظهراً عبر حصص دراسية متتابعة لا يفصل بينها إلا استراحتان قصيرتان.
التجربة الإسلامية حاضرة ولا يستطيع أحد أن ينكر أنها هي التي خرجت علماء قدموا لها الاختراعات والاكتشافات والابتكارات وصبت جميعها لتشكل حضارة أمة نفاخر بها عندما عز علينا ما نفاخر به، نظام الكتاتيب للذين يعرفونه ومثله نظام الحلقات الدراسية في المساجد يستحق التأمل ويستحق التفكير، وقد يقول قائل إن هذين النظامين كانا يقصران على تدريس العلوم الدينية وأحياناً على شيء من الحساب واللغة العربية، ومع صحة هذا الكلام حيث العلوم توسعت وتطورت وما كان يكفي عصرا ويغنيه ما لا يكفي هذا العصر، إلا أن نقطة الاتفاق هي أن حشو عقل الطفل بمعلومات كثيرة متنوعة وشغل جل وقته بالتلقين ومنحه مساحة بسيطة من الحركة لا يثمر عن نتائج جيدة، فالطفل يميل للحركة والاكتشاف واللعب واللهو وتكوين عالم خاص به يشكل بعد ذلك تجربته الشخصية التي تعينه على إنماء دواخله وتحديد منطلقاته الآتية.
حقيقة لا أعرف مدى صحة فكرتي ولعل أهل الاختصاص يكون لهم رأي في ذلك حول استقصاء الطريقة الإسلامية القديمة وتطويرها بما يتناسب وظروف العصر، لعلنا نقف على طريقة جديدة تعيننا على اكتشاف قدرات أطفالنا وتفجير طاقاتهم لصالح الإنسانية جمعاء.