(شيخ يعالج السرطان، مضمون ومشهود له بالتقوى، ورقم جواله كالتالي..، انشر لعل غيرك يستفيد وتكسب الأجر العظيم من الله).. هذا نموذج لرسائل يتم تداولها عبر (واتس اب) وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، زاد من انتشارها أسلوب مغلّف بمعاني الورع ولباس التقوى، والوعد بالأجر لمن ينشر مثل هذه النصوص، لينساق كثير من محبي الخير لإعادة نشرها، ليس إيماناً كاملاً بصدق محتواها إنما توجهاً لكسب أجر إرسالها لآخرين، واشتراط الناشر الأول المبتدع للرسالة زيادة عدد تكرارها ليمحّص الله ذنوب ناشرها ومرسلها للغير، ويلاحظ أن الرسالة تبدأ بكلمة (شيخ) ولم يقل (طبيب) وليس ثمّت تفسير لذلك إلاّ مداعبة عقول بعض السذّج والبسطاء لاستخدامهم كأدوات لبث الدعاية لأغراضهم وكسب الأموال الطائلة من المخدوعين بمظاهر تقواهم وورعهم. نعم: هي غالباً مظاهر خادعة، لأن التقي النقي لا يتاجر بورعه وزهده بادعاء الكرامات وعلاج الأمراض المستعصية بجلسة نفث ومسحة زيت، في الوقت الذي ترصد فيه كبريات مراكز الأبحاث والأكاديميات العلمية الطبية المتخصصة الأموال الطائلة في محاولاتها للكشف عن أسرار هذه الأمراض لإيجاد سبل لعلاجها خدمة للبشرية، ويقدم كثير من الأثرياء ممن يملكون حساً إنسانياً نصيباً من ثرواتهم لهذه المراكز سواء كانت أهلية أو حكومية، بل إن هناك من يجعل وقفاً خيرياً يصرف ريعه لمثل هذه المراكز لإيمانهم أن خدمة الإنسان والمجتمع لا سيما المحتاج جزء من رسالتهم الإنسانية، وإن ما وهبهم الله من أموال يجب أن يستثمر جزء منها لأعمال البر والإحسان، وهكذا في كل الأديان، غير أن الإسلام الحنيف ندب الى هذا الخير والعمل الصالح، ووعد المحسنين أجراً عظيماً، إلاّ أن فئة من الغافلين عن هذه المعاني السامية يفعلون النقيض تماماً باختلاق ادعاءات ودعايات لا أساس لها من الواقع توهم الباحثين عن الشفاء المتعلقين بالأسباب بصدق نواياهم مقارنة بمظهرهم وعذب حديثهم المصطنع، منجذبين الى تقديس رأي (بعض) من وصفوا أنفسهم بالمشايخ والاستدلال بأقوالهم، وتجاوز القرآن والسنة، والقفز على أقوال وفتاوى أئمة المسلمين والركون الى (تغريدات) عبر التويتر لدعاة ووعاظ، وربما رقاة الله أعلم بحالهم ونواياهم. نعم الأمة فيها خير وفيها علماء ثقات غير أن المقصود هم أصحاب التغريدات والظهور في الفضائيات وناشرو أعلاناتهم الدعائية عن إنجازاتهم المزعومة في مجال الرقية، فانساق خلفهمعوام على نياتهم رأوا فيهم النزاهة والزهد والعلم، بقياسات خاطئة حتى كانوا مثلاً أعلى لهم يستشهدون بأقوالهم التي تبث عبر وسائل تستقطب كل المستويات حتى التي لا تملك ذخيرة جيدة من العلم الشرعي المؤهل للفتوى (والرقية) وتوجيه الناس. أذكر أن مدعياً للرقية الشرعية وشفاء الأمراض وتفسير الأحلام جاهد بكل اتجاه لا قناع أكثر من صحيفة لإجراء لقاء صحفي معه، وكان حين يلمس بوادر الموافقة المبدئية يشترط نشر عناوينه كافة وعدم حذف أي حرف يقوله للصحيفة، مما أثار الشكوك حوله، لدرجة أنه حاول إغراء صحفي بالمال إن هو أقنع المسئول في صحيفته بنشر لقاء معه كما يريد هو، لا كما هو معمول به في العرف الصحفي. سألت لاحقاً عن ذاك المدّعي؟ قيل: إنه الآن من أصحاب المشروعات وتنكّر للرقية والأحلام!!
t@alialkhuzaim