روضة التنهات من أكبر رياض اليمامة وأشهرها وأطيبها وتقع في حضن الدهناء ويصب فيها عدَّة أودية منها الشوكي والعتك والطيري وقد ذكرها ياقوت في معجمه فقال: موضع بنجد وتسيل أوديتها في الدهناء، حيث يلتف سدرها وشيحها وقيصومها وتصدح أطيارها وكل نبت طيب فيها إذا جادها الغيث وكم كنَّا نخرج لها في أيام الربيع الذي يزيدها متعة وجمالاً وكانت متنزها للملك عبد العزيز يقيم بها شهورًا أيام الربيع ويتجمع حوله شيوخ القبائل ورجال العرب حاضرة وبادية وكان مشهدًا رائعًا وكذلك في روضة الخفس وروضة خريم وهي تبعد عن الرياض مائة وخمسين كيلاً جهة الشمال الشرقي ولقد ذكرها الشاعر فؤاد الخطيب حين لقائه بالملك عبد العزيز إبان وجوده في التنهات قائلاً:
حييت يا روضة التنهات زاهية
بابن السعود المليك الأوحد البطل
وخلال زياراتي لها ومشاهدة غدرانها وأشجارها وطيورها ومناظر جميلة تسحر العيون وتأخذ بمجامع القلوب فكانت هذه القصيدة في روضة التنهات:
أزكى تحيات المحبة والهنا
في روضة تلقى بها الأحبابا
فترى بها حسن المناظر والرؤى
فتزيل عنك الهم والأوصابا
فزهت مناظرها بما ازدانت به
فترى بها الأغصان والأهدابا
أضفت عليها السحب من تسكابها
خلب النهى والحسن والألبابا
قد شاقني ما كنت أسمع نحوها
أضحت بذلك منظراً خلاّبا
فاحت روائع روضها وربوعها
ورأيت ما قد زادني إعجابا
أمسيت وسط سهولها وجبالها
أمضيت ليلا هادئا جذابا
تلك الحياة جميلة في روضة التـ
ـنهات طابت جيئة وذهابا
ومتى توالت عليها الأمطار فإنها تجود بالنباتات العطرة الجميلة والأزهار اليانعة الباسمة، فلله الحمد من قبل ومن بعد على ما أعطى، ولقد استمتعنا بمشاهدة هذه الرياض الخلابة وكذا الاستمتاع بالبحث عن نبات الكمأة (الفقع) بأنفسنا، حيث كان يوجد بكميات كبيرة قديما وفي كل مناطق الربيع مما يملأ العين بهجة وسروراً ولقد قيل: (إذا ظهر الفقع صر الدواء وإذا ظهر الجراد انثر الدواء) ويوحي هذا القول ويدل على دلالات متنوعة ينبغي الانتباه إليها. حقاً ما أجمل بلادنا وما تحفل به من مناظر خلابة ورياض خضراء وما فيها من نباتات وزهور برية وما أجمل روائح الصحراء وعبيرها في بلادنا.
بلادي بها ما يملأ العين بهجة
وتسلى عن الأوطان كل غريب
ولله در القائل:
هل العيش إلا ضجعة فوق رملة
بنشر الخزامى والعرار تفوح
وللشاعر فؤاد شاكر من قصيدة طويلة:
أجل هذه نجد فسائل ربى نجد
عن العرب الأمجاد من سالف العهد
عن الدين والأخلاق والحزم والحجى
عن الشعر والتاريخ والعز والمجد
فمن روضة الخفس التي فاح عطرها
إلى روضة التنهات في الفور الوهد
تطاول فيها العشب حتى كأنه
سنابل أكمام تفتحن عن ورد
وهذا غدير فاض في أيمن الحمى
ومن حوله ماء تدفق من عد
أطل طويق فوقه وكأنه
حضينة آرام تقوم على ولد
أمين عام دارة الملك عبدالعزيز السابق