بعد أن تضخمت الأراضي العائدة لعمدة قريتنا حتى صار زمام أرض البلد كلها في حوزته وأصبح كل من في القرية إما يعمل في أرضه أجيراً أو يستأجر منه بضع قراريط يزرعها لتعود عليه بعد أن يسدد الثمن الباهظ بما يقيم أوده ويحفظ حياة من يعولهم.. أصبح لزاماً على عمدة القرية أن يستعين بمن يقوم على متابعة ما له من حقوق لدى أبناء القرية.. فوقع اختياره على «سمعان» بقامته الضئيلة ووجهه الكالح.. وأوكل إليه أمور تحصيل الديون.. ومتابعة المحصول.. تفنن سمعان في عمله ولاحق كل فرد في القرية بمطالب مستحيلة.. فلم يقنع بما هو مدوّن في دفاتره العتيقة، بل فرض غرامات وعقوبات على كل من تأخر ولو يوماً واحداً في السداد.. وكان سمعان يفاخر في جلساته مع المقرّبين من العمدة بأنه حقَّق له من الأرباح والمكاسب ما كان يعجز عنه من قبل في سنوات طوال.. لم يعبأ العمدة بشكوى الناس من جور سمعان وإجحافه.. بل زاده ذلك منزلة عنده.. أمن العمدة جانب «سمعان» وأطلق يده في القرية يفعل ما يشاء طالما كان يمده بكل ما يطلبه من أموال... لكن الحال تغيَّر مع مرض العمدة وملازمته لداره.. فذات صباح أرسل العمدة في طلب «سمعان» ليطمئن على حصيلته فلم يعثر له على آثر.. وجاءت الأخبار للعمدة لتزيد حالته سوءاً.. لقد فرَّ سمعان بعد أن جمع كل ما للعمدة من أموال لدى أهل القرية إلى حيث لا يعلم أحد.. عض العمدة أصابع الندم.. وأدرك أن المصائب لا تأتي فرادى.