على مدى ثلاثة أيام ناقش المنتدى العربي الثالث لمكافحة الغش والتقليد وحماية الملكية الفكرية هذه الظاهرة العالمية التي تُعد من الأمور المقلقة للحكومات والشركات وكذا المستهلكين على حدٍ سواء .

هذا المنتدى الذي رعاه معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ، وأدار جلساته المتعددة بعض أصحاب المعالي والسعادة وتحدث فيه الكثير من المعنيين السعوديين والأشقاء العرب وبعض الشخصيات الغربية كممثلة الإنتربول وكذلك منظمة الجمارك العالمية وجامعة الدول العربية ، ولأول مرة تحضر الجهة المتهمة بأكبر بضائع مقلدة ومغشوشة ألا وهي جمهورية الصين ، كان بحق ثرياً وجاداَ في جميع محاوره التي دارت جميعها حول ظاهرة الغش في كافة السلع سواء في الأغذية أو الأدوية أو قطع الغيار ، تحدث المشاركون بالأرقام ، ولا أكتم سراً إذا قلت بأن بعض الأرقام كان مخيفاً ومقلقاً .

مما لفت انتباهي وهو يعد مؤشراً إيجابياً في إحساس المسؤولين بالمشكلة هو عدم معرفة المستهلك العربي بحقوقه ! وهذا مما يجعلنا نطالب بتكثيف المنتديات والحملات التي تبين للمستهلك حقوقه ، وكذلك قنوات التواصل بين المستهلك والجهات الرسمية .

معالي مدير عام الجمارك السعودية الأستاذ صالح الخليوي أكد على أن الجمارك السعودية على تواصل وتعاون مع جمعية حماية المستهلك في المملكة ، وأثنى على دورهم آملاً أن تحقق هذه الجمعية آمالها العريضة التي تسعى لها حماية للمستهلكين .

من توصيات إعلان الرياض الثاني وهو من وجهة نظري في غاية الأهمية فرض القوانين التي تحكم التجارة الإلكترونية، وفرض الرقابة الكاملة على الطرود البريدية، التي يتم التعاقد على شرائها، من خلال تلك المواقع، ومتابعة المواقع الإلكترونية التي تروّج للغش والتقليد ومنع ظهورها ، وهذا يُعد توجه قوي في مكافحة البضائع المقلدة والمغشوشة ومحاصرة للمنبع الأصلي لهذه البضائع .

كان من توصيات إعلان الرياص المهمة تفعيل دور جمعيات وهيئات حماية المستهلك، سواء الوطنية الخاصة أم الحكومية، ومنحها الصلاحيات اللازمة لكشف حالات الغش والتقليد للسلع المتداولة، ورفع القضايا التعويضية، وتفعيل دور الممثل التجاري في كل السفارات والقنصليات، للمساهمة في كشف مصدري البضائع المغشوشة والمقلدة، ووضع ميثاق شرف للمستوردين والمصنعين والتجار تتبناه الجامعة العربية، لرسم الخطوط العريضة التي يجب الالتزام بها عند مزاولة هذه الأنشطة ، وهذا مطلب ملح أعتقد بأنه بات ضرورياً في ظل هذه الهجمة الأخلاقية من قبل المصدرين وبعض المستوردين عديمي الضمير.

كما كان من توصيات إعلان الرياض تبني إستراتيجية متكاملة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لمواجهة القلق الذي تسببه ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وذلك من خلال بناء شراكات بين الدول في ما بينها من جهة، وبينها وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، بما في ذلك إنتاج برامج ومواد إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية ، وهذا كما أسلفت من الأهمية بمكان كونه يُعد من أساسيات توعية المستهلك المغيب عن هذا المشهد بكل أسف .

وفي نفس سياق التوعية التي كان لها نصيب الأسد من توصيات إعلان الرياض الثاني أوصى المنتدى إقامة معارض دائمة في مراكز التسوق الكبرى والمعارض التجارية لتوعية الجمهور حول أخطار الأصناف المغشوشة والمقلدة، وإيضاح كيفية التفريق بين الأصلي والمقلد، وتعزيز وترسيخ ثقافة المقاطعة لتلك الأصناف ومنتجيها ومروجيها وبائعيها ، وهذا بلا شك مما يدعم الوعي عند المجتمع ويقوي ثقته بالأجهزة الرقابية ، ويوثق العلاقة بينهما .

إنني أجزم بأن نتائج هذا المنتدى لن تقل بل تزيد عن نتائج المنتدى الثاني الذي تحققت جميع أهدافه قبل المنتدى التالي ، وبالتالي فإنني ومن خلال حضوري على مدى ثلاثة أيام لفعاليات هذا المنتدى أعتقد بل أجزم بأن نتائجه أكبر بكثير مما رُسم له ، كونه لامس حاجة تقلق المواطن بالقدر الذي تقلق الدولة بكافة أجهزتها ، وكذلك الشركات المصدرة والمستوردة .

من التوصيات التي كانت مكررة مطالبة أصحاب العلامات التجارية بتخفيض أسعار سلعهم من أجل التضييق على المقلدين ، وهذه نقطة في غاية الأهمية وأعتقد لو فكر فيها أصحاب العلامات التجارية لوجدوا أنها أكثر منفعة لهم من رفعهم أسعار بضائعهم التي تشجع المستهلك على البحث عن المقلد .

خلاصة القول : لقد نجح هذا المنتدى أولاً بمقدرته على استقطاب أسماء ذات حضور مهم في الساحة الاقتصادية محلياً وعربياً ودولياً وثانياً في خروجه بهذه التوصيات التي تُعد في غاية الأهمية .

انتهى المنتدى ولم تنته تطلعات المستهلك العربي في تفعيل هذه التوصيات علنا ننجوا من هذه الكوارث المميتة.

الشكر أجزله للجمارك السعودية على إقامة هذا المنتدى وروعة التنظيم .