الحديث عن شخصية بقامة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الشخصي لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- تنبعث عن سمتين تميز بهما الأمير عن غيره أولاهما: التواضع المعروف عن الأمير حقيقة، وما أحوجنا في هذا العصر لمسؤول يتميز بهذه السمة الإسلامية العظيمة التي كانت للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار منهجاً وسلوكاً يتعاملون به مع غيرهم، وهناك الشواهد والقصص التي دونها التاريخ وتناقلتها الأجيال عبر العصور والقرون، وهذه السمة التي يتميز بها الإنسان دليل على أصالة معدنه وطيب منبته.. الأمير مقرن له قصص كثيرة يرويها الذين عايشوه ورافقوه، ولي شخصياً موقفان أحدهما مشاهدة والآخر مقابلة، الأولى عندما كان الأمير أميراً لمنطقة حائل، إذ كنت أسمع عنه أنه يتجه من قصر أجا إلى مبنى الإمارة كمواطن عادي دون أن تفتح له الإشارة الضوئية مواصلاً طريقه من دون توقف، ففي أحد الأيام كنت عائداً من الكلية كطالب وتوقفت عند إشارة بحي صديان ومع زميل لي، فقال لي صديقي انظر إلى يسارك فالتفت فإذا بالأمير مقرن بصحبة سائقه متوقفاً عند الإشارة ومتوجهاً للدوام، فلم أكن مصدقاً فأعدت النظر مرة أخرى فتأكد لي أنه الأمير، فقلت لزميلي صحيح ما يُقال عن تواضع الأمير واحترامه للنظام.
أما موقف المقابلة، فبعد صدور نظام مجالس المناطق وتشكيل أول مجلس لمنطقة حائل، تقدمت باقتراح للأمير مقرن محتواه طلب عقد لقاء مفتوح مع المواطنين لنتعرف على مهام المجلس ودوره وآلية اختيار أعضائه، وتمت المقابلة لأول مرة في مكتبه الخاص وقرأ الخطاب بتأمل وتمعن، وقال يا ابني تعجبني عبارة (مواطن) لأن خطابي ذيل بمقدمه المواطن، وشكرني كثيراً وقال أتمنى أن يكون المواطن بمستوى هذا الفكر والرأي.
السمة الأخرى للأمير أنه صادق وجريء فيما يقول، فكان له حوار مطوَّل في مجلة الرجل قبل تعيينه أميراً لمنطقة المدينة المنورة بستة أشهر، فأفصح بلسان المواطن الحائلي عن نقص في الخدمات الهامة كالصحة والطرق والتعليم الجامعي وقال مقولة شهيرة (العين بصيرة واليد قصيرة)، وقال أيضاً أحلق بأحلام حائل بالطائرة إلى الرياض وأقابل الوزراء وأجد منهم وعوداً بإدراج مشاريع المنطقة في الميزانية القادمة، ثم أعود وأزف البشرى لأعضاء المجلس بتلك الوعود، لكن تأتي الميزانية ولم يدرج شيئاً.. ولا زلت محتفظاً بعدد تلك المجلة.
وقال أيضاً في حفل الوداع «إنني لم أقدم شيئاً لأهل حائل طيلة عملي العشرين سنة». الله أكبر، كلمة لا يقولها إلا العظماء والنبلاء الذين صدقوا مع الله أولاً ومع أنفسهم ثانياً، أين المسؤولون الذين يدعون أنهم صنعوا وقدموا العظام من الأعمال والإنجازات الوهمية والورقية ولم يكن لها على أرض الواقع أي أثر يُذكر فيُشكر.
نعم، حب الأمير مقرن تغلغل في قلوب الحائليين، وهو حب وفاء صادق وليس نفاقاً كاذباً، وبادلنا -حفظه الله- هذا الحب بل زاد بالحب والمحبة، ومن خلال ثلاثة اتصالات شخصية معه بعد تعيينه نائباً ثانياً لم يزده المنصب إلا تواضعاً وتباسطاً وكان آخرها يوم الجمعة الموافق 26-4-1434هـ، فأقول حقاً لكل المسؤولين الكبار في الدولة أن تكون شخصية الأمير مقرن مرآة يقتدى بالتواضع والتباسط للتعامل مع أبناء الشعب.
نعم، التاريخ يوثق سير العظماء والنبلاء الذين دخلوا أبواب التاريخ بصدقهم وإخلاصهم وتواضعهم وعدالتهم، والناس هم شهداء الله في أرضه.
- حائل