لا يمكن تحقيق مصادر تنوُّع الدخل إلا من خلال صناعات كبيرة وشركات تستطيع استغلال المزايا المتوافرة، سواء على مستوى الموارد الطبيعية أو العوامل المساعدة الأخرى، من توافر النقل والموانئ، وكذلك الموقع الاستراتيجي للمملكة، إلا أنه مع توافر ذلك لا تزال طبيعة الاستثمارات بعيدة في معظمها

عن تحقيق هذا التوجُّه الذي كان ضمن أهداف الخطط الخمسية منذ الخطة الأولى حتى الآن.

** لدينا في المملكة تجربة ناجحة في قطاع التعدين، تمثلت في استغلال المعادن وتصنيعها وما يرتبط بذلك من صناعات تحويلية كثيرة؛ فالاستثمار التعديني بالمملكة يمكن أن يكون مورداً مهماً من موارد تنوُّع مصادر الدخل الوطني، وأرض المملكة حبلى بأنواع المعادن التي تقدر استثماراتها بنحو 50 مليار دولار. وبحسب أرقام وزارة البترول والثروة المعدنية بلغت الرخص التعدينية الممنوحة لاستغلال الثروات المعدنية في المملكة 1700 رخصة تعدينية، تغطي مساحة أكثر من 73 ألف كيلومتر مربع.

** لدينا نماذج ناجحة بالفعل في بناء قاعدة صناعية، يمكن أن تسهم بشكل فاعل في تحقيق مستوى جيد من تنوع مصادر الدخل، لكن المطلوب هو استنساخ هذه النماذج في مجالات وصناعات متنوعة، تزيد من مساحة التنوع المبني على أسس صحيحة وقوية. ولعل أبرز هذه النماذج الحديثة شركة معادن، وهي شركة وطنية استطاعت أن تنجح في استثمار المزايا التنافسية للمملكة في قطاع التعدين بمستوى عال من المهنية الإدارية والفنية، والأخذ بأحدث أساليب وتقنيات الاستثمار؛ ليكون الركيزة الثالثة للصناعة السعودية من خلال مشاريع ضخمة ذات مستوى عالمي. أيضاً من أمثلة المشاريع العملاقة لإقامة صناعة تعدينية تحويلية في المملكة مدينة رأس الخير التعدينية على الخليج العربي المختصة في الألومنيا والألمنيوم والأسمدة الفوسفاتية وعدد من الصناعات التحويلية المرتبطة بها.

** ولعل من الفوائد الكثيرة لهذه الاستثمارات الناجحة تعزيز البنى التحتية من شبكات الخطوط الحديدية ومحطات الكهرباء والموانئ؛ ما سيؤدي إلى زيادة القيمة المضافة للمصادر الطبيعية، وإنعاش المناطق النائية بمشاريع مستدامة، توفر مزيداً من فرص العمل للسعوديين، كما تسهم في تنشيط تشجيع العمل التجاري في تلك المناطق.

** المملكة اليوم بحاجة لمثل «معادن» في أكثر من مجال صناعي وخدمي، يمكن أن ينجح إذا ما توافرت الإرادة والإدارة الطموحة القادرة بالفعل على صنع النجاح الحقيقي، الذي يمكن أن يضيف لبنة قوية لقاعدة اقتصادنا الوطني الذي يحتاج لكثير من العمل؛ ليساهم بنسبة مُرضية في تنويع مصادر الدخل.