السوداوي هو شخص معتد بنفسه إلى أبعد الحدود، ويعتقد أنه الأذكى، والأعرف، والأعلى ثقافة، ويجيد التحذلق إلى درجة كبيرة، فلا يروق له شيء، ولا يعجبه أحد، وهو يجيد النقد، ويجد لذة في تقزيم الآخرين، والانتقاص منهم.. ولأنه في حقيقته وهمي فإن معظم معجبيه هم من السوداويين أمثاله، أو السطحيين، الذين لا يعرفونه إلا من خلال هرطقاته، التي أوصلته إلى بعض مما كان يطمح إليه. هذا الصنف لا يمكن أن يصل إلى هدفه النهائي؛ فما كل الاستراتيجيات تنجح، ولا كل الحيل تخدم صاحبها. والسوداوي يعتقد أنه يضحك على الجميع، والواقع يقول إن معظمهم يضحكون منه، وعليه، فما هي يا ترى الاستراتيجية السوداوية؟!
يتميز الشخص السوداوي بالتشطر على البرادع (جمع بردعة)، ولا يحيد عن ذلك قيد أنملة؛ فهو يعلم أنهم أضعف من أن يمسوه بسوء، أو أن يمنعوا عنه مصلحة، فلا يتردد في انتقاص هذا، والتقليل من جهد ذاك، وهو في كل هذا يلمح تارة، ويصرح تارات بأنه هو الأفضل، والأعلم، والأكثر حكمة، وهو هنا يحاول أن يقول: «أنا هنا لأكون بديلاً؛ فجربوني». ومع كثرة المحاولات على مدى سنين عديدة إلا أنه نادراً ما ينجح؛ فمهما تذاكى الإنسان فإن هناك من هو أذكى منه، ولكنه لا ييأس، ولا يستكين. والغريب أن السوداوي يفخر دوماً بمساهماته الفاعلة في تحطيم ضحاياه «الناجحين»، ولا يجد غضاضة في المضي قدماً للبحث عن ضحية جديدة؛ فهو لا يرى في كل ما يجري حوله أي إيجابية؛ فالموظف البيروقراطي بالنسبة له كسول، والموظف النشط والمتميز يعتبر بالنسبة له متحذلقاً كذاباً؛ لأنه يعتقد أن كل الدنيا تتمحور حوله هو فقط.
الغريب أن الشخص السوداوي معجب حد الغرام بالسوداويين من أمثاله، الذين - مثله تماماً - لا يرون في كل المشاريع العملاقة التي تجري على قدم وساق إلا سرابا، ولا يرون في المسؤول - أي مسؤول - إلا مشروع فساد متحرك، ومهما حاولت أن توضح لهم الحقائق على أرض الواقع فإنهم ماضون في سوداويتهم؛ لأنهم يؤمنون تماماً بأنهم هم المؤهلون، والمتميزون.. والأغرب أن بعض السوداويين خدموا طويلاً، وفي مجالات متعددة، إلا أنه لا يوجد لهم إنجاز واحد على أرض الواقع! فإنجازهم الوحيد هو «الانتقاص» من جهود الآخرين. وبناء على ذلك فإننا نتمنى من معاشر المخدوعين «ببني سواد» أن يتوقفوا عند هذه النقطة تحديداً، ويعلموا أنهم هم الحطب الذي يشعل به السوداوي نار غيرته ضد الناجحين، وأنهم هم آخر اهتماماته؛ فهو لا يفكر إلا بنفسه ومصالحه فقط، فهل يتفكرون؟!
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2