الذي يبدو لي أن (بعض) الكتاب و(بعض) الدعاة دخلوا في مشروع تكافلي. فالدعاة يقومون من جانبهم بإنتاج الفتاوى المثيرة، وفي المقابل يقوم الكتاب بتلقي هذه الفتاوى وإبرازها إعلاميا والحديث عن أبطالها مدحاً أو قدحاً، وكلاهما - أي الكاتب والداعية - يكسب. فالكاتب يجد مادة صحفية، والداعية يكسب مزيداً من الشهرة.
السؤال الذي يجب أن نطرحه: هل يجب الالتفات الى كل من أصدر فتوى ممن أطلقنا عليهم مؤخرا مصطلح دعاة، اليوم يكاد يكون لدينا داعية لكل مواطن، ولو أننا تفرغنا لتناول ونشر فتاوى كل هؤلاء الدعاة لما وجدنا وقتا وصحفا كافية. توجد في بلادنا هيئة متخصصة مخولة من الحاكم بإصدار الفتوى، ولدينا كذلك مفتي للديار، ولدينا هيئة كبار العلماء، فلماذا إذن نلتفت الى ذلك الضجيج من الفتاوى الفنتازية.
دعوهم يصدرون من الفتوى كما يشاؤون، ولن يصح في النهاية إلا الصحيح, تذكروا أن ظاهرة التفحيط استعرت بسبب وجود جماهير تنتظر مثل هذه الظاهرة، ويمكن أن نقول الشيء نفسه عن تنامي ظاهرة بعض الفتاوى التي ما أنزل بها من سلطان.
أعتقد أن ضعف التعليم كان سبباً رئيساً في رواج سوق الفتوى، فالبعض للأسف لم يتعود استخدام عقله، ولم يتعود البحث عن الحقيقة بالأسلوب المنطقي العقلاني. والأمر لم يقتصر على البحث المستميت عن الفتاوى والمفتين، بل تجاوز ذلك إلى الاستسلام لما يقوله مفسرو الأحلام، ولما يقوله دجالو العلاج، عافانا الله وإياكم.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود