قلت إننا في أي مجتمع كان نحتاج حوارا حضاريا لا ينسى أطرافه أن المرأة إنسان خلقه الله بمواصفات لا تشمل أن يكون مجرد إضافة لأي فرد آخر. حوار متوازن من منظور يعني الوعي بوجودها كفرد ووجودها وهي نصف المجتمع، وأم وأخت وابنة وزوجة النصف الآخر. ويعني الوعي بما منحه الله لها من مواهب وقدرات وبحقوقها كمواطنة مفردة سواء ظلت في المنزل أو اختارت أن تعمل خارجه بمردود مادي من مصدر رزق شريف.
فلماذا نرى التركيز على قضايا المرأة عندنا؟ سواء جاء التركيز من مصادر محلية أو أجنبية؛ كلهم يقدمون الاهتمام بها وبمعاناتها على أساس تقديم خدمة خاصة بها يتبرعون بها لها لحمايتها أو إنقاذها أو الكلام نيابة عنها.
في الحقيقة: المرأة في أي مجتمع كان أدرى بما تحسه, وما تعايشه, وما تريده, وما تحتاجه. وباستطاعتها أن تعبر عن كل ذلك سواء كانت متعلمة أو أمية.
لا تحتاج محامين لإقناعها بأسلوب حياة يفضلونه لها.. بل تحتاج إجراءات فعلية تمكنها من العيش بأسلوب الحياة الذي يريحها ويرضيها.
و تحتاج مجتمعا يحترم حقها في الحياة كإنسان.
«المرأة» عندنا لا تعيش بصورة تعميمية أوضاع «الطالبان», ولا أوضاع التجارة في البشر. ولكن هناك حالات فردية من تشدد الأسر أو افتراء الأقارب أو المتاجرة بتزويج القاصرات والعنف الأسري والاستغلال واستلاب الحقوق. وهناك المطلقات والمعلقات والمعنفات الصامتات صمت الحملان في غياب الوازع الديني والتقبل المجتمعي.
الحمد لله أن وضع المرأة في مرحلتنا الراهنة بالذات بدأ يحظى بالاهتمام, واضح أن توجه القيادة يركز على تصحيح أوضاع المرأة اقتصاديا واجتماعيا بتمكينها وفتح أبواب التعليم المتخصص والتدريب وفرص العمل لها. ويظل هناك الكثير المرجو لتسهيل تنفيذ القرارات المختصة بالمرأة وحضور المرأة ومشاركة المرأة.
بين صدور القرارات, ونجاح التنفيذ، و تنامي التمكين من حالات فردية إلى حالة عامة, نجد عراقيل اختلافات رأي أفراد المجتمع وموقفهم من وضع المرأة ؛ متوجسا أو معارضا أو متلكئا أو لا مباليا أو متشبثا بتميزات خاصة تحققها له الأوضاع الراهنة التي تبقيها الطرف الممتهن, والمتأذي من استمرار الأوضاع المتحيزة ضد مصالحها كفرد لها حقوق مشروعة لا تتحقق على أرض الواقع.
المرأة عندنا بالتأكيد ليست في أوضاع مثالية .. والعتب لا يحل على الدين الذي يجمعنا ولا على القوانين التي نؤمل أنها تلتزم بالشريعة في ما يختص بحقوق المرأة. العتب يحل على ممارسات الأفراد التي يشط بعضها عن العدل مع المرأة كما يشط المتجاوزون في أي من المجتمعات الأخرى. والعتب على عدم مساءلة أعراف المجتمع التي استبدلت التعاليم بتفضيلات المصلحة الفردية والأسرية والفئوية, وعدم محاسبة الأحكام القضائية حين تتحيز. والعتب على التساهل في تطبيق القانون لحماية حقوق المرأة حتى إن وجد. ففي المجتمعات الأخرى لا يتساهل القانون ولا المجتمع مع تجاوزات أي فرد ضد أي فرد، رجلا كان أو امرأة.
نحن اليوم في دولة القانون والمؤسسات ومنجزات تعليم المرأة.. لا يجب أن ننسى أن الأنثى مواطن بكامل الأهلية لها كل حقوق المواطنة بما فيها حمايتها من استلاب حقوقها.
وهذا ما يجب أن يكون.. كل يوم.
وعلينا حق التذكير بحقوق المواطن, رجلا كان أو امرأة.. كل يوم!