زارني صديق وبين يدي كتاب أنيق رشيق عنوانه (شعر أبي طالب في نصرة النبي عليه الصلاة والسلام) لمؤلفه الدكتور محمد عبدالحميد سالم وهو من إصدارات مشروع روافد الفكري الثقافي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
قال لي: الله، الله، يا أبا أسامة لقد بعد العهد بيني وبين مثل هذه الجلسة الحميمية مع الكتاب، ما شاء الله، كم هي رائعة!! لقد شغلتنا الحياة وشاشات الفضاء والجوالات والشبكة العنكبوتية عن التواصل مع الصديق الحميم الكتاب الذي يمنحك الراحة والمعلومة مستسلماً بين يديك.
قلت له، وقد أخذ مكانه جالساً: لعل هذا الموقف يعيدك إلى الكتاب المطبوع بما له من ألفة ومودة، وبصفحاته التي لا تؤذي عينيك ومخك بأشعة كهربائية دوخت الناس، وضيقت صدورهم.
قال دعنا من كل ذلك وهيا بنا نكمل جمال هذا اللقاء بتصفح ما يمكن من هذا الكتاب.
كتاب شعر أبي طالب في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم يقع في مئة وثلاثين صفحة من القطع المتوسط، قسمه المؤلف إلى عدد من المباحث أولها عن شجرة نسب بني هاشم وبني عبدالمطلب وثانيها عن مكانة أبي طالب في قومه، وثالثها عن كفالة أبي طالب لابن أخيه محمد بعد وفاة عبدالمطلب، وبقية المباحث عن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن توفي عمه أبو طالب.
أورد الكاتب في طيات هذه المباحث عدداً من القصائد المنسوبة إلى أبي طالب، وهي قصائد جياد مؤثرات معبرات عن حبه لابن أخيه ومناصرته له بلا تردد، ومواجهة كفار قريش وكائدهم بقوة وصرامة، وهي قصائد تتراوح بين الطول والقصر، ولكنها جميعها مرتبطة بمواقف واضحة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.
لقد تأثر صديقي جداً وأنا أقرأ عليه أبيات أبي طالب التي قالها مستجيباً لتشبث ابن أخيه به حينما عزم على السفر متاجراً إلى الشام:
بكى طرباً لما رآني محمد
كأن لا يراني راجع المعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه
وعبرته، عن مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قتودك وارتحل
ولا تخش مني جفوة ببلاد
وخل زمام العيس وارحل بنا معا
على عزمة من أمرنا ورشاد
أما المقطوعات والقصائد الأخرى فهي تصور مواقف كثيرة تستحق القراءة والاهتمام، وقد استأنسنا بها غاية الاستئناس وبخاصة لاميته الشهيرة التي يقول مطلعها:
خليلي ما أذني لأول عاذل
بصغواء في حق ولا عند باطل
ولما رأيت القوم لا ود عندهم
وقد قطعوا كل العرى والوسائل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة
وأبيض عضب من تراث المقاول
وهي قصيدة طويلة تستحق القراءة.
قال صديقي وهو يودعني: آه من هذا العصر الصاخب المضطرب يا أبا أسامة، كم يسرقنا من أنفسنا!!
إشارة
زمن ضاعت الموازين فيه
فغدا الدرهم الرديء جنيها
towa55@hotmail.comaltowayan@ :تويتر