في كل مرة أسافر فيها على (الدرجة الأولى) ينتابني شعور بأن (الأمور طيبة) وكله تمام (يا فندم)، وأشعر بأن (طبقة صوتي) تحوّلت إلى (نغمة القرار) أو طبقة (تينور) ذات الصوت العريض جداً.. حتى مصطلحاتي اللفظية (تتغيّر أوتوماتيكياً) وتصبح أكثر ثقلاً، وبالكاد يخرج الحرف مع نصف (فتحة الخشم) عندما أتحدث مع من يجلس بجواري وبصعوبة بالغة.. وكان الله في عون أصحاب (الدرجة الأولى) بالفعل!
ولكن سرعان ما أتذكّر أن السفرة ببلاش، وأن (التذكرة مدفوعة), عندها أحاول العودة لطبيعتي، متصبراً على تصرفات أصحاب هذه الدرجة (المُتصنعة) في طلب القهوة، ورفض الأكل، وطلب كأس ماء، ثم الالتفات بهدوء إلى اليمين، وبعد قليل إلى اليسار، وكأنها طقوس متبعة!
قبل يومين سافرت في رحلة خطافية إلى (جدة) في الدرجة (إياها) السياحية طبعاً، وكان من يجلس بجواري من أصحاب (الخشم المسدود)، ملامحه ورائحة العطر وخشونة صوته كانت تدل على أنه من (طبقة التينور) ووجوده في درجة (الكورال) بالخطأ، طبعاً ألتزمت الصمت (بحكم أني على ملعبي وبين جمهوري)!
حاولت أن أفتح معه حواراً حول ظروف الحياة و(ارتفاع الأسعار) في الرز والسكر والخبز والحليب.. في كل شيء؟! وجدته (غير مهتم)، الرجل (متشائم) من وجوده بجواري؟! لأن حجزه (أولى) ولكن بقدر قادر أصبح مقعده (سياحي)، ويحاول إخفاء وجهه حتى لا يعرف أحد أنه يجلس في مؤخرة (الطائرة)!
الأخ بيده سبحة (جميلة) يحركها بسرعة بسبب القلق, فهمت أنه قَبِلَ بالمقعد لقرب (رحلته) من جدة إلى (فرنسا) بحثاً عن الراحة والاستجمام!
بصراحة خططت على (السبحة) وقلت له شكلها (سن العاج)؟ أو(كهرمان)؟! قال لا أدري.. أمس جاتني هدية! واليوم جيت المطار منذ الصباح!
قلت له بخبث: يعني قبل السبحة كان (حجزك أولى)، واليوم سياحي؟!
وبدأت أذكر له سالفة (بريطانيان) تخلّصا من (مرآة) مسكونة تجلب لهما النحس، بيعت الأسبوع الماضي في مزاد (إي باي) الإلكتروني بمبلغ (155 دولاراً) رغم أنها ثمينة وتساوي أكثر من ذلك، ولكن لكي يفكا النحس من (حياتهما) تخلصا منها..!
ودعت جاري في الطائرة، وكان سعيداً بالتخلص من (السبحة) في الجو.. وأنا الآن أحاول التخلص من (طبقة الصوت) العريضة التي علقة بسببها!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com