مثل هذه العبارات والسياسات العلميَّة والقيمية أصبحت منسية ومسكوت عنها، وهو ما يمكنني فهمه مما أشار إليه نائب وزير التَّعليم العالي د أحمد السيف عندما تحدث في الأسبوع الماضي أمام اللقاء التنسيقي لمؤتمر طلاب وطالبات التَّعليم الذي سيعقد في مكَّة المكرمة حيث قال: (إن الطالب هو المحور الأساسي في العملية التعليميَّة في مجالات التَّعليم العالي). انتهى
أعتقد أنَّه تَمَّ تغييب الطالب في حساب الجامعات وأصبح رقمًا مُهَمَّشًا وثانويًّا في حسابات إدارات التخطيط الجامعية بالرغم من أنّه في حسابات الدَّوْلة ووزارة الماليَّة الرقم الأساس الذي تقوم عليه جميع المحاور وتوزع بموجبه الميزانيات والوظائف والمباني حتَّى أن ثلاث جهات كبرى (تعيش) على محور الطالب: وزارة التَّربية والتَّعليم، ووزارة التَّعليم العالي، ومؤسسة التَّعليم والتدريب الفني.
أموال أعطيت لهذه الجهات من أجل الطالب، فتحت الجامعات والمدن الجامعية والمدارس والكلِّيات التقنيَّة من أجل الطالب، ولكن بالرغم من أن دوره محوريٌّ إلا أننا نراه على أرض الواقع الرقم الهامش ويأتي في مرتبة متأخرة من الاهتمام.
مديرو الجامعات يتعاملون مع الطالب في فوقية إداريَّة وعلميَّة فنراهم في التخصصات العلميَّة والتخصصات الإستراتيجيَّة: الطب والهندسة والحاسب والعلوم الطّبية.
يتحكمون بالقبول ويتعاملون مع توزيع الطُّلاب على تلك التخصصات بنظام قطع الجبن يرققون شرائحها ويَتمُّ تجزئة القطع على طريقتهم وكل هذا يمرّر من تحت ما يسمونه بالسنة التحضيرية التي وضعت لتوزيع الطُّلاب حسب المقاعد التي يقررها مدير الجامعة وتتمُّ هنا حركة المعايير غير العادلة، ولو كان مديرو الجامعات أكثر شجاعة لتم توزيع القبول والتخصصات مسبقًا وفقًا للمعدلات وأعلنت المعدلات مع بداية برنامج السنة التحضيرية تحدِّد فيه درجة (دخول) الطبِّ والهندسة والحاسب والعلوم الطّبية والقانون وليس بعد الاختبارات وإعلان النتائج، وهي موعد توزيع الكعكة وتحويل الطُّلاب إلى شرائح جبن لتجدهم خارج التخصصات التي يريدونها، بل يتم تحويلهم من رغبات التخصصات العلميَّة إلى آخر سلم العلوم الإنسانيَّة.
د. أحمد السيف أشار صراحة إلى أن الطالب هو المحور الأساس في العملية التعليميَّة. لكن الجامعات تعمل وفق أجندتها الخاصَّة ربَّما (بمزاج) عمادة القبول والتسجيل وموافقة مدير الجامعة، لذا ترى المعايير تتسع للطالب إذا أراد مدير الجامعة، وتضيق لدرجة خنق الطُّلاب إذا كان لمدير الجامعة رأيٌّ سلبيٌّ، وهنا يجب حماية الطالب حتَّى لا يقع تحت أهواء ومزاج عمادات القبول المتقلبة وبموافقة ومباركة مدير الجامعة منزوع القرار والواقع في المنطقة الرمادية.