يأتي هذا اليوم الخميس 21 مارس حاملاً معه مناسبتين شبه عالميتين إحداهما يوم الأم والآخر عيد النيروز، وهو أول يوم من السنة القبطية والسريانية والعجمية والفارسية، ومعناه اليوم الجديد. وقد اُختيرت بداية السنة المصرية القديمة مع موسم فيضان النيل ولا زالت مصر تحتفل به بمسمى (يوم شم النسيم).
ويعد قدماء المصريين هم أول من ابتدع حساب السنة، فقسموها إلى 12 برجاً في ثلاثة فصول (الفيضان - الزراعة - الحصاد) طول كل فصل أربعة شهور، وقسموا السنة إلى أسابيع وأيام، واليوم إلى 24 ساعة، والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية وقسموا الثانية أيضاً إلى 60 جزءاً.
والنيروز عند الفرس ستة أيام، الأول هو أول يوم في الشهر في بداية سنتهم، ويسمون الأول نيروز الخاصة، والسادس نيروز العامة، والنيروز الكبير وهو عيد بلاد فارس، الذي تقوم الطائفة الشيعية بإحيائه سنوياً في إيران وبعض البلاد التي تنتمي لهذا المذهب برغم انتسابهم للإسلام، حيث يتم إشعال النار إيذاناً بابتدائه، والمعروف أن الفرس كانوا يعبدون النار قبل دخول الإسلام لبلادهم.
وتعود هذه الطقوس إلى عصور الفرس القديمة، وكان يشترك في طقوس الاحتفال الملك والعامة فتقام الصلوات، ويرشق الناس بعضهم بالماء، وفي نهاية اليوم يوقدون النار تعبيراً عن ذروة الفرح، وتتعالى مراتب البهجة.. وبينما تنتشر مظاهر الفرحة يعلن انتهاء سنة فارسية وبداية أخرى.
وتروي القصص أن الملك الفارسي (جمشيد) حكم بالعدل فسمي أول يوم حكم فيه (نيروز) ومعناه اليوم الجديد، ولكن بعض الروايات تؤكد أنه كان مقدساً عند أهل الحكمة قبل ذلك.. وقد أحيته الدولة العباسية إبان ولايتها ربما لدخول خلفائهم مع الفرس بالمصاهرة والعمل، ووجود كثير من الوزراء من بلاد فارس. وهو مرتبط بدخول الربيع، وكأنه احتفال بموسم أكثر من احتفال ديني، وربما لهذا السبب تسامحت الدولة الإسلامية العباسية معه آنذاك، ولم تعتبره رمزاً دينياً، وتعايش الفرس مع العرب بانسجام ووئام ولم يؤثر على العقيدة أو الاتجاه.
وأذكر أننا في المرحلة الثانوية كنا نردد قصيدة البحتري (الربيع) ونعرب أبياتها البليغة ونتذوق جناسها وسجعها وطباقها، ولم نجد غضاضة بذلك، بل ولم يرَ فيها المشايخ والدعاة بأساً أو يطالبوا بحذفها من المناهج ، وأجمل مقاطع القصيدة هي:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبّه النيروز في غسق الدجى
أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتقها برد الندى فكأنه
يبث حديثاً كان بالأمس مكتّما
كل عام وكل وقت وبلادنا تزهو بربيعها الدائم.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny