انتشر مقطع فيديو مسجل، كان من المفترض أن يتم بثه في البرنامج الأمريكي الشهير «ليلة السبت على الهواء»، وهو برنامج كوميدي عريق تبثه قناة أن بي سي، ومنه تخرج أباطرة الكوميديا الأمريكية، ومن أشهرهم أيدي ميرفي.. ويتميز هذا البرنامج بأنه لا يستثني أحداً من النقد، ويكون ممتعاً أثناء الانتخابات الرئاسية، إذ يتفنن نجومه في السخرية من مرشحي الرئاسة، وقد حزن كثيرون لانتهاء فترة الرئاسة للرئيس جورج بوش الابن، فقد كان هو الشخصية المفضلة لنجوم هذا البرنامج على مدى ثماني سنوات، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن يقع في هفوة تتيح لهم مزيداً من السخرية، أما عدو نجوم هذا البرنامج اللدود فهو الرئيس الحالي باراك أوباما، والذي يصعب على أي أحد أن يسخر منه، لتوازنه ورزانته من جهة، وثقافته العالية من جهة أخرى، وفي تقديري أنه واحد من أنجح البرامج الكوميدية خلال النصف قرن الماضي، فعن ماذا كان المقطع؟، ولماذا لم يتم بثه؟!.
المقطع كان يسخر من أعضاء لجنة مجلس الشيوخ، المعنية بمساءلة المرشح من قبل الرئيس أوباما لمنصب وزير الدفاع، السيد شيك هيقل، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية نبراسكا، والذي يتهم بأن له تصريحات تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، وهي التهمة الوحيدة التي من الممكن أن تدمر صاحبها، ففي الولايات المتحدة، بإمكانك أن تكون عنصرياً، وفاسداً، وحتى خائناً، ثم تتبرأ من كل ذلك، وتسير حياتك السياسية على ما يرام، ولكن إياك أن تفعل، أو تقول شيئاً ضد المصالح الإسرائيلية، حتى ولو كان ذلك على سبيل المزاح، فإن هذا كفيل بتدمير مستقبلك السياسي إلى الأبد، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى، وقد كان المقطع ساخراً وممتعاً، فأعضاء اللجنة كانوا يتسابقون للنيل من السيناتور هيقل، ويبالغون في إبداء ولاءهم لإسرائيل، لأنهم يعلمون أن من شأن هذا أن يضمن مستقبلهم السياسي، ففي الولايات المتحدة، لا يهم إن كنت وطنياً، أو محارباً قديماً، فما يهم هو أن تكون مخلصاً لإسرائيل، ولمصالحها، وبعدها افعل ما يحلو لك، ولا حرج عليك.
لم تعد تهمة عداء السامية، وما تجر على صاحبها من ويلات في الولايات المتحدة مجرد حكاية تتداولها النخبة، ففي السنوات الأخيرة بدأ وعي الأمريكيين يزداد، وبدؤوا يتململون من السيطرة شبه المطلقة للوبي الصهيوني على السياسة الخارجية لأمريكا، ومن يتابع تعليقات القراء على مقالات كبار الكتاب الأمريكيين، ويتابع وسائل التواصل الاجتماعي يرى ذلك بوضوح تام، ومع ذلك فلن يتغير شيء في المستقبل القريب، لأن «الإعلام» هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في أمريكا، وهذا الإعلام يقبع تحت السيطرة التامة لإيباك، ومن شايعها، وهم كثر.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2