تتناوبهم الأفكار متداخلة.. على حجم الأخبار التي تبثها لآذانهم مئات المحطات، والقنوات، والأوعية, وأي وسيلة نقل..
فهل كان الناس في العالم البشري قبل هذه الوسائل في أمن من الأخبار المتلاحقة..؟
أم كانوا في غفلة عنها.., وتغييب..؟
أفي وصولها ما يزيدهم معرفة.., أم يكبلهم بالشقاء..؟
أو كان في غيابها عنهم المزيد من الراحة لهم..؟
القلق الذي تحدثه هذه الأخبار فيهم..,
أهو صحيِّ يجدد.., ويحرك.., وينشِّط خلايا الإنسان فيهم.., ويشحذ هممه للتفاعل..؟!
أو هو ساحق لكل بذور الطموح.., والتفاؤل.., والأمل فيه..؟
هل على الإنسان أن يجمد عواطفه، ويلجم وجدانه، ويجتث مشاعره، ويلغي إحساسه، وينتقي ما يحقق فيه كل هذا، من كل ما يتلقاه من هذه الأخبار.., ليعيش على هامش آمن، يتهادى مع إغواءات المراكب..؟
أو عليه أن يفتح نوافذ، ويشرع أبوابا، ويوقد نيرانا، ويجري أنهارَ كلِّ ما فيه من العاطفة، والوجدان, والمشاعر، والإحساس ليتفاعل مع الكم الهائل من الأخبار التي يتلقاها على مدار الثانية..واللمحة..؟
الكم هائل...., والأحداث متنوعة... بما لا تستوعبه حروف اللغات في الألسن على الأرض,..
والأجواء مكتظة بكل أفعال البشر الذين هم صانعو هذه الأخبار..
والجميع يضحك...
الجميع يبكي...
الجميع يحزن.., والجميع يألم..,
والجميع يقرف.., والجميع يتقيأ..,
والجميع يندهش..,والجميع ينبهر..,
والجميع يغضب...والجميع
يتكلم...!!!
يتكلمون وهم يذيعون.., يتكلمون وهم يحللون..
يتكلمون وهم يناقشون.., يتكلمون وهم يتحاورون..
يتكلمون وهم نائمون.., يتكلمون وهم يقظون..
يتكلمون مشاة.., وراكبين..
وعلى جنوبهم يتقلبون.. وهم يتكلمون..
أفمن أحد لا تقض راحته كل الأخبار فيعبُس..,؟؟
وتنسم عليه قليلا منها بعض المفرحات فيبسُم..؟!
قلقٌ بشري عارمٌ..
لكنه يمكن أن يكون الباعث لإبداع الفكر البشري على صعد عديدة.., توثق الأحداث، في تراث فكري, أدبي نثري وشعري, و تأريخي، و فني..على اختلاف أنواع الإبداع، وعناصره وأشكاله، باختلاف طاقات، وقدرات، وإمكانات البشر..
وباختلاف السبل، والوسائل التي هي المنجز الجميل لهذا العصر..
كما هي معطيات الأخبار في أجمل ما فيها،
تلك وسائلها..,
وهي سرعة وصولها..
وتمكن الإنسان من الإلمام بها..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855