في السنوات الأخيرة سجلت حالات الأطفال المتعرضين للعنف الأسري نسبة لا يستهان بها في إحصاءات العنف لدى الجهات المعنية بمتابعة أوضاعهم الصحية والاجتماعية والنفسية، وخاصة أطفال المطلقات الذين يتحولون إلى كرة محمومة بين قدميّ والديهما وذلك بسبب التنازع عليهم ومن يكون له الحق في حضانتهم! وللأسف الشديد تواجهنا في وحدة الحماية الاجتماعية بمنطقة الرياض حالات أطفال تعرضت لأنواع مختلفة من العنف يشيب لها الرأس وأغلبها تصدر من أقرب الناس لهم، وحالات لا تخطر على بال بشر تكون متواجدة في بيوتنا المسلمة، وفي أحيائنا البسيطة، وبين كثير الفئات الفقيرة ويتم متابعتها ميدانياً لمعاينة العنف الواقع عليها والوضع الذي تعيشه! هذه الحالات من الأطفال أحياناً أقف متألمة أمام وضعها المحزن والذي لن يتم معالجته وتخليصهم منه بمجرد رفع شكواهم لأمارة المنطقة، أو مكاتبة مركز الشرطة لأخذ التعهدات على المعتدي بكفّ أذاه عن هذا الطفل المسكين! أو رفع التقارير الشاملة عن حالتهم للقاضي الذي قد تطول الجلسات حتى يفصل فيمن يكون له الحق في الحضانة أو الرعاية إلى آخره من الحقوق الشرعية للأبناء والتي يجهلها كثير من الآباء! والألم هذا سببه أن الأذى الواقع على هؤلاء الأبرياء أكبر من الإجراءات المتبعة ببطء تجاه قضايا عنف الأطفال، والتي ساهمت بانتشار أذى أكبر عن سابقه! وساهمت في استهتار كثير من الآباء بالعقوبات استناداً على أحاديث لم يثبت صحتها من ضعفها ومناسبتها، كمثل “أنت ومالك لأبيك” “والوالد لا يقتل في ولده” مما دفعهم بفهمهم الخاطئ إلى تبريرهم لأفعالهم الشيطانية بحق أطفالهم بأنها من حقوقهم الملكية المطلقة للتصرف في حياة أبنائهم كيفما يشاءون! هذه الاعتقادات الخاطئة لا نعلم ما سبب تجاوزها الحد الطبيعي والإنساني حتى تصل إلى مستوى تحليل التعذيب والتنكيل بالأبناء بمختلف أعمارهم وحرمانهم حتى من العيش في حضن أمهاتهم، والتهاون في تربيتهم لدرجة إزهاق الروح البريئة! وقد يرجعها الكثير لانتشار المخدرات وآثارها النفسية على الآباء المتعاطين أو حتى المتشافين منها لكنهم لم يجدوا الدعم النفسي والأسري لهم وهم في منتصف الطريق، فتظهر لديهم ممارسات سلوكية عنيفة لا يتأذى منها بشكل مباشر سوى المحيط الأسري الذي يعيش فيه! وغيرها من النماذج الوالديّة التي تحتاج لتأهيل مسبق لمرحلة ودور الوالدية خاصة في وقتنا الحاضر الذي للأسف الشديد بالرغمن التقدم التكنولوجي المشهود له إلا أن مشكلاته الأسرية في ازدياد! والتأهيل لهذا الدور الهام في حياتنا لا يتوقف على المطالبة بالفحص الطبي للزواج منعاً لانتشار الأمراض المعدية، أو بدورات التأهيل لما قبل الزواج فقط، بل لا بد من إعداد ميثاق والديّ يتم توثيقه من وزارة العدل ويتم تعميمه على مأذوني الأنكحة لإلزام المقبلين على الزواج ببنوده التي تنص على إلزامية الحفاظ على الأبناء في جميع الظروف وفي حالة المخالفة يتم وضعهم تحت المساءلة الشرعية والقانونية والتي تحدد في الميثاق بهدف الحد من استهتار الأُسر تجاه رعاية وحماية أبنائها أثناء أو بعد الزواج.
moudyahrani@ تويتر