يشكل الإعلام بمكوناته واتجاهاته ومنطلقاته في حياتنا المعاصرة عصب الحياة، ولا أحد ينكر مدى قوة الانتشار الواسع للوسائل الإعلامية المختلفة سواء الإعلام المقروء أو الفضائي أو حتى المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، خصوصا ونحن نعيش في حقبة العولمة الإعلامية التي تحول العالم من بوابتها إلى قرية كونية صغيرة تتجاوز جميع الحدود وتتخطى أقصى المسافات، وبالتالي أصبح أثره واضحا وجليا على كافة المستويات.. ومعروف أن المجتمع السعودي يعيش- في واقعنا المعاصر - مرحلة شبابه باعتبار أن فئة الشباب في تركيبته الديموغرافية أو هرمه السكاني تشكل ما نسبته 65%، وهي الطبقة الأكثر تأثيرا من توجهات الإعلام وتحولاته ومنطلقاته الرهبية، وعندما نتحدث عن واقع إعلامنا الرياضي تحديداً.. ودوره نجد هناك من ساهم في تأجيج التعصب، ونشر الإساءة، والانحدار في لغته المهنية الهابطة في (بعض) الصفحات الرياضية والقنوات الفضائية المتخصصة على نحو يدعو إلى الاشمئزاز والسخرية والتّحسر لما وصل إليه الواقع.. من انفلات إعلامي وسقوط أخلاقي وتجاوزات مهنية مناهضة، وممارسات رخيصة، تصل حد السب والشتم والقذف والكراهية، كما قال الخبير الإعلامي الأستاذ (خالد المالك) في محاضرته الرصينة في عمقها المهني وبعدها السوسيولوجي وتأثيرها السيكولوجي.. التي ألقاها في جامعة الملك عبد العزيز بجدة بعنوان (التجربة الصحفية بالمملكة العربية السعودية في ضوء تأصيل منهج الاعتدال السعودي) وتحول المجتمع الرياضي - مع الأسف - في ظل هذه الإرهاصات الإعلامية والأسقام المهنية.. إلى بيئة غير صحية خاصة مع ظهور خلايا التعصب الرياضي بمؤشراته الحمراء.. الجهل الفكري، والتطرف الأمّي، والحب الأعمى، وعدم قبول الآخر.. وهي عمليات اجتماعية هادمة.. بدأت تنتشر في جسد المجتمع الرياضي بسبب ممارسات فاضحة وتجاوزات رخيصة تتنافى مع قواعد الضبط القيمي، وتخالف الحدود الموضوعية والقيود الاتزانية.. التي يقوم بها من يمتهن العمل الإعلامي، ويقوض نهج الوسطية، وينحرف عن مساره نحو التشدد الجاهلي والتعصب المقيت.. وكل هذه التجاوزات الخطيرة والممارسات المناهضة للقيم ربما تلقي بظلالها على سلوك وثقافة ووعي النشء إذا اتسعت دائرة التلوث الفكري والانحطاط الأخلاقي والإفلاس المهني!! فضلا عن مساهمة الإعلام الرياضي ولغته الهابطة في تراجع الكرة السعودية التي تجاوزت خط المائة في التصنيف العالمالأخير للفيفا، باعتبار ان الإعلام الرياضي الرصين هو شريك في التنمية.. وإخفاقه يعني مزيد من الإخفاق الرياضي..!!
- ومعروف أن الإعلام الرياضي كفرع من فروع الإعلام له خصائصه ونظرياته وأبحاثه ومقوماته.. يلعب دور بارز في نشر الثقافة الرياضية ونقل الإحداث والقضايا بموضوعية وتشكيل رأي عام صائب في حادثة أو مشكلة ودعم الأنشطة والألعاب الرياضية المختلفة إلى جانب تثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات الرياضية والمحافظة عليها.. بعيدا عن الممارسات السلبية والتجاوزات المخالفة للقيم المهنية والأعراف الإعلامية، خاصة وان الرياضة أصبحت- في واقعنا المعاصر- تشكل أهمية معيارية.. لدى معظم طبقات المجتمع وذات تأثير مباشر في تشكيل الرأي العام وصياغة توجهاته الرياضية.. وبناء مفاهيم الإفراد في كافة النشاطات والبرامج الرياضية فيما يتصل بالحقائق والمواقف والحالات التي تثير الرأي العام.. غير ان إعلامنا الرياضي يشهد تباينا مهنيا متأرجحا.. فنجد (قلة) من الإعلاميين المتزنين وبطرحهم العقلاني.. يقابلهم (جيش) من الأقلام تحركها الميول المناهضة، .. وألسنة (انتمائية) تتعارك (فضائيا) وتتناكف بلغة.. لا تعرف ثقافة الاختلاف، وأدب الحوار، واحترام الرأي، وقبول الآخر.. وعلى طريقة صراع الديكه..!! فوصل المجتمع الإعلامي الرياضي.. الى ما وصل إليه من سقوط أخلاقي وانفلات إعلامي تقودها تجاوزات مهنية مناهضة تصل حد القدف والإساءة والكراهية.. كما قال الخبير الإعلامي في محاضرته التنويرية في جامعة المؤسس، وبالتالي يحتاج إلى إعادة توازنه المهني، ورفع عمود الاعتدال في التعاطي الإعلامي، والارتقاء بفكر وثقافة القارئ، وصياغة الخطاب الإعلامي الرياضي في قوالبه الوسطية.. وأمام أزمتنا الإعلامية الرياضية أصبح من الأهمية بمكان.. تأسيس (اتحاد للإعلام الرياضي) قادر على رسم الخطوط العريضة لسياسة الإعلام الرياضي وتوجهاته، وصياغة الواقع الرياضي بما يتفق مع مضمون الرسالة المهنية وأعرافها الأدبية، ومن أهدافه تنمية وتطوير الإعلام الرياضي وتنظيم شئونه عن طريق الدورات والندوات والملتقيات العلمية بما يخدم الحركة الرياضية، وتوثيق العلاقات والروابط المهنية وتبادل الخبرات مع الاتحادات المماثلة (عربيا وعالميا)، وبالإضافة إلى توعية مختلف فئات المجتمع بأهمية ممارسة الرياضية ورفع درجة اللياقة البدنية في الفرد والأسرة وربط ذلك بالأهداف الصحية والنفسية، وترسيخ القيم الرياضية النبيلة لدى الجمهور الرياضي، والنهوض بالقالب التنويري في مجتمعنا الرياضي.
* يقول الأمير نواف بن فيصل «للأسف الشديد من خلال حضوري للكثير من الدورات الرياضية في مختلف دول العالم ألاحظ مدى الصعوبة الكبيرة التي تواجه الإعلاميين السعوديين نظير قلة خبرتهم في حضور مثل هذه المناسبات الرياضية الكبيرة، لذلك نحن بحاجة ماسة إلى تشكيل (اتحاد) يسهم في توعية الإعلاميين وزيادة ثقافتهم وتنويرهم على مختلف الأصعدة». عكاظ - (4-3-1434). جميل الاعتراف ياسمو الأمير بالأهمية المعيارية بتأسيس وقيام اتحاد للإعلام الرياضي السعودي.. لمواكبة متطلبات ومعطيات العصر الإعلامي وتحولاته الرهيبة.. والاعتراف نصف الحل..!!كما يقول عالم الإدارة الفرنسي الشهير (هنري فايول).
Twitter@kaldous1