الجزيرة - حواس العايد:
عادت إلى السطح قضية الاستقبال المجاني للمكالمات الدولية من الهاتف الجوال عبر خدمة التجوال الدولي والشبكة الموحدة المقدمة من قبل شركات الاتصالات العاملة في السعودية من جديد، وأثارت مزيداً من الجدل عقب تلويح هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الأخير لتلك الشركات بوقف الخدمة نهائياً في حال لم تلتزم بتطبيق قرارها القاضي بوضع مقابل مالي نظير هذه الخدمة.
وفي حين ترى الهيئة أن قرار إلزام مشغلي الهاتف الجوال وضع مقابل مالي نظير استقبال المكالمات الدولية من المملكة وإليها أثناء التجوال في شبكاتها ضروري وجاء لدواعٍ أمنية واقتصادية، ترى شركات الاتصالات أن القرار سيعرضها إلى مواجهات قضائية من زبائنها، حيث التزمت في العقود الموقعة معهم على ضمان هذه الخدمة لهم.
أمام ذلك، يرى الاقتصادي فضل البوعينين منطقية الأسباب التي استندت إليها هيئة الاتصالات في عزمها إلغاء مجانية التجوال الدولي، خاصة فيما يتعلق منها بالجوانب الأمنية والاقتصادية والتقنية التي ربما تكون المحرك الرئيس للقرار؛ إلا أنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة طرح البدائل المناسبة التي تسهم في تقنين مجانية هذه الخدمة؛ من خلال طرح باقات توفر هذه الخدمة للمشتركين؛ وتحد من فوضى التجوال الدولي وتحقق المعايير الأمنية المطلوبة.
ففي الجانب الاقتصادي، يشير البوعينين إلى أن القرار يحقق عدالة المنافسة، لافتاً إلى أن وقف مجانية بعض خدمات الشبكة الواحدة سيسهم في الحفاظ على سمعة قطاع الاتصالات في المملكة خارجياً بعدما لاحظت الهيئة وجود مخالفات تستلزم تقنين مجانية التجوال الدولي..
وتابع: إن هيئة الاتصالات تعمل من أجل تحقيق عدالة المنافسة بين الشركات المشغلة وتسعى بحزم إلى تطبيق الأنظمة واللوائح المنظمة لها بما يخدم جميع العاملين في هذه الشركات؛ وهذا أمر مهم؛ إلا أن حماية المستهلك يجب أن تكون جزءاً من أي قرار يُتخذ.. مشدداً على مسؤولية الهيئة في طرح البدائل المناسبة التي تحمي المواطنين من تحمل مصاريف إضافية في حال تطبيق هذا القرار؛ والذي يمكن تحقيقه من خلال السماح لشركات الاتصالات بطرح باقات مخصصة للسعوديين المسافرين؛ وأبنائهم الدارسين في الخارج.
وذكر البوعينين أن المستهلك قد يقبل برسوم إضافية معقولة؛ شريطة تحسين جودة الخدمة خاصة في المدن المزدحمة.. وتابع: يجب النظر إلى قضية التجوال الدولي من منظور أوسع؛ ومن ثم تصنيف المستفيدين من مجانية الخدمة مجانية التجوال الدولي؛ ثم وضع الحلول المناسبة التي تحقق العدالة للجميع. وأضاف؛ أن تحول شركات الاتصالات السعودية إلى شركات مصدرة لشرائح الجوال المجانية إلى الخارج من خلال الوافدين ينطوي على كثير من المحاذير الأمنية والاقتصادية؛ فغالبية الوافدين يقومون بإرسال شرائح الجوال لأسرهم في الخارج؛ وبعضهم يستغل مجانية التجوال الدولي لبيع المكالمات في تلك الدول؛ أو استغلال الشرائح في أمور تتعارض مع الأنظمة والقوانين؛ مع ذلك يجب النظر إلى السعوديين المستفيدين من مجانية التجوال الدولي؛ وعدم حرمانهم منها؛ خاصة وأنهم لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة من مجمل المستخدمين لخدمة التجوال الدولي مقارنة بالوافدين.
من جهته، تطرق المستشار المالي أحمد الجبير إلى الجانب الأمني الذي يعزز قرار الهيئة، مشيراً إلى أن مجانية «التجوال الدولي» له سلبيات من بينها هجرة البطاقات المسبقة الدفع من الشركات في الخارج إلى داخل المملكة وما يحدث فيها من إساءة للاستخدام لأنه يصعب الحصول على معلومات عن تلك البطاقات المسبقة الدفع من خارج المملكة ولما له من أهمية أمنية، وهذه أمور لا يمكن التفريط فيها بأي حال من الأحوال. وأكد الجبير على أن هيئة الاتصالات لم تمنع استخدام الشبكة الواحدة وبعض الخدمات المقدمة فيها ولكنها اشترطت أن توضع رسوم ولو مخفضة على تلك الخدمات بما يحفظ لها حقوق الشركات العاملة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. ولفت إلى أن معظم الردود والتعليقات على تفعيل قرار الهيئة الخاص بمنع مجانية التجوال الدولي جاءت في معظمها سريعة وانفعالية.
وتحدث الجبير عن الجانب الاقتصادي للقرار قائلاً إنه سيمنع استنزاف الاقتصاد الوطني بتصدير شرائح اتصالات بأعداد كبيرة للخارج والتعامل مع الاتصال بهذه الشرائح كاتصال محلي، مؤكداً أن الأمر في هذه الحالة غير منطقي، ويصب في مصلحة الدول المصدرة لها على حساب المملكة، فالأمر ليس مجرد حديث بالعواطف وإنما هدر مالي وطني، فلا أعتقد أن محاولة تسويق بعض الشركات لخدماتها ومنها مجانية التجوال الدولي يأتي في صالح قطاع الاتصالات والاقتصاد السعودي على وجه الخصوص.
وأضاف إن الأمر المقلق جداً هو الجانب الأمني بهذا الخصوص، فالبعض يتساءل عن علاقة هذا الأمر بموضوع المجانية، ويغفل الكثيرون أن ذلك مرتبط به بشكل كبير وهام من الجوانب التقنية والأمنية، فإتاحة مجانية التجوال الدولي بهذه الصورة يساعد على سهولة تصدير الكم الكبير من الشرائح المحلية للخارج دون أي التزامات مالية، أما مع وجود آلية لمنع مجانية التجوال فإن هذا الأمر لن يكون بهذه الكمية وسيكون هناك تحكم أكبر من الجوانب التقنية على الشرائح المصدرة للخارج، وهذا الأمر مهم جداً.