المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة - حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله..
اطلعت على ما كتبه الأخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز العريفي في الجزيرة العدد 14745 تاريخ 29 ربيع الأول عام 1434هـ، بعنوان: «أول من سكن القويعية جماز العريفي وأخوه لأمه»، تعقيباً على ما كتبته في الجزيرة العدد 14705 والعدد 14715 تاريخ 29 صفر 1434هـ بعنوان: «عرض لكتاب القويعية قاعدة العرض» لمؤلفه الشيخ عبد الله بن محمد اليابس.
كم كان بودي أن لا أقحم تلك الأسرة الكريمة «العرافا» التي تربطنا بهم أواصر محبة ومصاهرة وجوار ونكن لهم كل احترام وتقدير.
أما أنه زج بهم بهذا العنوان الصارخ، فلم يعد للقوس منزع ولا لحسن الظن موضع، فليعذرني أحبتي عقلاء وفضلاء هذه الأسرة الكريمة. وأسأل الله لأبنائها الهداية ومعرفة الحق والسير على هداه.
التزمت بالمنهج العلمي والأمانة في سرد الوقائع التاريخية من فحوى هذا الكتاب، ولم أتطرق لتلك الأسرة الكريمة لا من قريب ولا من بعيد. وبما أنه في رده حاول قلب الحقائق بادعائه أن أول من سكن القويعية جماز العريفي، بكلام مرسل لا يسنده دليل قاطع أو مصدر تاريخي يوثق به. ومشككاً في الرواية التي أوردها المؤلف، من أنّ أول من سكن القويعية هم بنو زيد، قاتل الله الهوى كيف يجرف صاحبه ويقوده إلى متاهات ومنزلقات لا يتبيّن مسارها أو مآلها.
نقول أيها الأخ على رسلك هداك الله. القويعية أول من سكنها بنو زيد قبل عام 1100هـ. ثم اشتراها محمد بن علي الضعيف من بني زيد من آل وسيعة من السهول القبيلة التي كان لها اليد الطولى في هذه المنطقة في ذلك الوقت وذلك عام 1123هـ، بموجب وثيقة شراء وشهود وردت أسماؤهم في الوثيقة وأصبحت من الوثائق التاريخية فقط.
انظر نص الوثيقة في مجموعة المؤرّخ الشيخ إبراهيم بن عيسى كما نجد الأستاذ عبد الرحمن الشقير في كتابه بنو زيد القبيلة القضاعية في حاضرة نجد ص 204 يورد النص الآتي: «يشير عدد من المؤرخين إلى شراء بني زيد القويعية من آل وسيعة من السهول في سنة 1123هـ واشتروا منهم أيضاً شعيب الحرملية شرق القويعية في عام 1156هـ ومواضيع أخرى في الدويرة في أعلى الحرملية عام 1153هـ)».
كما أن الدكتور محمد بن سعد الشويعر شقراء ص 196 والمؤرخ الأستاذ سعد بن عبد الله بن جنيدل عالية نجد ج 3 ص 1095 وكل المصادر التاريخية تؤكد صحة هذه الوثيقة.
وخبر شراء بني زيد للقويعية معروف ومتداول بين رواة السهول. ورواة بني زيد، ولم يرد ذكر (لجماز العريفي) بتاتاً في الوثيقة، ولم يسقط أسمه كما يدّعي، ونقول للأخ، هذه الوثيقة أصبحت ملكاً للتاريخ ولا يمكن لكائن من كان أن يتصرف بها أو يعسفها على هواه.
وليدرك أننا في عصر فيه المتلقي على قدر عال من الوعي والفهم ويقرؤ التاريخ جيداً ولن تنطلي عليه مثل هذه الادعاءات المرسلة التي لا يسندها دليل قاطع.
وبعد أن أنعم الله على هذه البلاد بهذه الوحدة التي أرسى دعائمها الملك عبد العزيز - رحمه الله وأدخله فسيح جناته - أصبحت أراضي محافظة القويعية ملكاً للدولة شأنها شأن المحافظات الأخرى، ولم يعد للوثيقة أي أثر على الأرض، وأصبحت وثيقة تحكي حدثاً تاريخياً، يجب احترامه وعدم الطعن فيها.
أما موضوع الوفود على الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، فما ذكره ابن بشر وابن غنام صحيح، ولكنهما لم يقولا بأن ناصر بن جماز العريفي هو رئيسهم، (بل قال المؤرخ بن بشر) في حوادث سنة 1169 «وفيها وفد أهل القويعية على الشيخ محمد وهم ناصر بن جماز العريفي وسعود بن حمد وناصر وبايعوه على دين الله والسمع والطاعة». ونجد الأستاذ عبد الرحمن الشقير يشير في كتابه بنو زيد القبيلة القضاعية في حاضرة نجد ص 205 إلى إن «سعود بن حمد هو الشيخ سعود بن حمد بن محمد بن سلمان من بني زيد وهو أول قاض معروف في القويعية. وأخوه ناصر بن حمد بن محمد بن سلمان ثاني أمير بالقويعية بعد والده وهو أكبر الوفد سناً، فقد كان كبير القوم هو الذي يرأسهم ...» انتهى إذاً رئاسة الوفد للأمير ولم يعد هناك لبس أو غموض.
وهذا يعزز الرواية المتواترة «التي أتحفظ عليها» ولا بأس من إيرادها، مفادها أن الشيخ سعود بن حمد بن محمد بن سلمان والأمير ناصر بن حمد بن محمد بن سلمان وبحكم المصاهرة وحق الجوار، قاما بأخذ «ناصر بن جماز العريفي» معهم وأصبح ضمن وفد أهل القويعية، وهذا يرسم لنا لوحة مشرقة توحي بعظمة هؤلاء الرجال وإعلائهم لقيم المحبة والجوار.
وللأمانة والتاريخ لم يكن معروفاً في سائر عموم نجد ولدى آل سعود رفع الله مقامهم، ولدى الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - سوى القويعية وسكانها بنو زيد.
ولعل أخي عبد العزيز يتوخّى الدقة ويتجرّد من الهوى، ويبتعد عن ما من شأنه إثارة النّعرات والحساسيات والبلبلة التي تفصم عرى الود والمحبة بين أهل عاشوا مئات السنين متحابين متآلفين، هدانا الله وإيّاه إلى سواء السبيل.
عبد الله بن علي بن عبد العزيز الجبرين