ولا زلت أرى بأن قضية نقل دم ملوث بالإيدز - كما حصل في قضية الطفلة ريهام - يجب أن تفتح أبواباً منسية كبرى حول تنظيم عملية التبرع بالدم ومراقبة مختبراته وبنوكه واستيراده وصناعته. وهيئة الغذاء والدواء إحدى الجهات التي يبدو لي أنها كمن وضع رأسه بالرمل وتمتم في سره؛ يارب ما أحد يجيب سيرتي. الدم ومنتجاته يصنف كأحد المنتجات الحيوية وبالتالي يأتي ضمن مسؤوليات هيئة الغذاء والدواء مراقبة آليات الحصول عليه وتخزينه وتصنيع مشتقاته واستيرادها، فأين هي الهيئة من القيام بمهمتها في هذا الشأن؟
هذا الأمر يقودني إلى فتح ملف هيئة الغذاء والتي أعتقد أن أبرز ما تعلمته من شقيقتها الكبرى وزارة الصحة، هو كيفية صنع أداة إعلامية متميزة تحتفل بالهوامش وتنسى المتن. كتحولها إلى صائدة للجوائز الإلكترونية عن موقعها الإلكتروني، وتكثيف حضورها الإعلامي في المعارض والمناسبات المختلفة.
هيئة الغذاء والدواء أسست بداية عام 1324هـ أي منذ أكثر من عشر سنوات وذلك بغرض « القيام بتنظيم ومراقبة والإشراف على الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والتشخيصية ووضع المواصفات القياسية الإلزامية لها سواء كانت مستوردة أو مصنعة محلياً، ويقع على عاتقها مراقبتها وفحصها في مختبراتها أو مختبرات الجهات الأخرى وتوعية المستهلك في كل ما يتعلق بالغذاء والدواء والأجهزة الطبية وكافة المنتجات والمستحضرات المتعلقة بذلك» حسب ماجاء في موقعها. ولفعل ذلك كلفت بوضع التنظيمات والمعايير في مجال اختصاصها وكذلك القيام بدور الرقابة على الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والمنتجات الحيوية، ليس فقط عن طريق ترجمة التقارير والدراسات العالمية المتعلقة بالدواء والغذاء والمنتجات الحيوية والأجهزة الطبية، بل عبر إنشاء معاملها اللازمة في هذا الشأن. كتخويلها إنشاء مختبرها المركزي ومختبراتها الفرعية وإنشاء مركز البحوث التابع لها ووضع قواعد المعلومات في مجالات تخصصها. لكن الأسئلة المطروحة بعد عشر سنوات من قيامها هي:
أين هو معمل الهيئة المركزي ومعاملها الفرعية؟
أين هي قواعد معلوماتها حول بنوك الدم والمختبرات الطبية، مجال عنوان هذا المقال؟
هل وضعت معايير ونظم لعمل المختبرات الطبية بالقطاعات الصحية المختلفة؟
هل لديها نظام رقابي على المستشفيات والمراكز الصحية في مجال الدم ومشتقاته؟
هل لديها نظام رقابي على الكواشف والمحاليل المستخدمة في مجال الدم وتحليله وتصنيعه؟
لا أدري هل لا زال هيئة الغذاء والدواء تحبو بعد عشر سنوات من عمرها أم أنها شاخت وترهلت قبل الأوان؟ فحتى الآن يشتكي منسوبوها من عدم وجود نظام وظيفي وسلم رواتب واضح لهم. لا زال كثير من منسوبيها معارين من جهات مختلفة رغم أن عشر سنوات كفيلة بأن يكون لديها كادرها المناسب لمهامها، ولديها موظفوها الدائمون، رغم أن ذلك جاء في صلب نظامها ويعتبر من أبجديات العمل الإداري بأي منظمة.
طبعاً تركيزنا بدأ بالمختبرات الطبية، ولن نفتح مزيداً من المواضيع المتعلقة بالهيئة كمراقبة الصيدليات والأجهزة الطبية وغيرها. ربما نفرد لها مزيداً من المساحة مستقبلاً. لكنه يقلقنا الفراغ الذي أوجدته الهيئة بعدم قدرتها على القيام بمهامها، وبعضها سحبت من قطاعات أخرى، فلا هي بقيت مسؤولية تلك القطاعات ولا الهيئة تولتها بالكامل.
هيئة الغذاء والدواء مهامها عديدة ومسؤوليتها ضخمة وأهميتها كبيرة جداً في الحفاظ على أمننا الصحي والغذائي والدوائي والبيئي، ووضعها الحالي بعيداً عن الفلاشات الإعلامية المصطنعة غير مطمئن..
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm