لا تجود أرحام النساء إلا نادراً بشخصيات يكون لها تأثيرها الفاعل على مستوى التاريخ والحياة ولعل من قدرنا نحن كمسلمين أن نستذكر رموزاً مرت علينا لنستخلص من سيرتها العبرة ونأخذ من طريق حياتها منارة نسترشد بها، فبرغم تغير الظروف الموضوعية لكل شخصية مؤثرة على أخرى إلا وكأن تلك الشخصيات تتشابه من حيث التكوين، لذلك استحضرتني ذكرى رحيل الزعيم الإسلامي والعربي الخالد فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بأن أسطر هذه الكلمات في رحاب سيرته لنتعطر بها نحن شباب المسلمين عامة والخليج خاصة ولنستلهم من هذه الشخصية الرشيدة ما يفيدنا في حياتنا بعد وفاته.
فيصل الإنسان ذلك الرجل الذي ما أن نطريه إلا ونستشعر رمز الشهامة والإباء فهو القائد الحقيقي لمعارك العرب مع المغتصب الصهيوني في حربهم معه في بداية السبعينات من القرن المنصرم حينما أوقف تصدير أهم سلعة عالمية يحتاجها الغرب والعالم أجمع أمام كل من يدعم الصهاينة في تلك الحقبة ورفض الدخول بمفاوضات سياسية واعتبرها مسألة مبدأ تسير عليها المملكة العربية السعودية المطبقة لشرع الله بما كان يسير عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من بعده، كان فيصل هو الفيصل الذي قصم ظهور الغرب وأركعهم بإرادة لا إله إلا الله فخسر الغرب المعركة وكسب العرب بمساعدة لا ننكرها من إخواننا المصريين لكن هذا الانتصار ما كان ليتم لولا موقف ذلك البطل الإسلامي العربي السعودي.
موت الرجال لا يعني موت أفكارهم فنحن ما زلنا نستشعر وجود فيصل بن عبدالعزيز بيننا برغم كل هذه السنين على رحيله فما زال عبق الفيصل نجده في أبنائه بالحنكة والحكمة ورجاحة العقل وكأن أبناء الفيصل يوزعون إرث والدهم بصفاته لا بماله فنجد الدبلوماسية والدهاء انتقلت إلى سعود الفيصل ونستشعر بلاغة الفيصل وشعره وحصافته الإدارية والكاريزما القيادية حاضرين في ابنه خالد ونستلهم رجاحة العقل والحجة التي كان يمتازها الفيصل في تركي ذلك الرجل الذي تعجز الكلمات عن وصفه.
الفيصل حاضر بيننا بأمجاده وبتاريخه وبأبنائه وأحفاده وبنا نحن ممن نتطلع أن نسير على خطى رجل كان وزنه بأمم فرحم الله الفيصل وأحسن منزله وأكرمه مع النبيين والصديقين والصالحين وجزاه الله عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء.
- شاب من دولة الكويت