لكل شعب على وجه الأرض لغة خاصة به يعتز ويفاخر بها واللغة أياً كانت ليست أكثر من حروف وكلمات تمتزج فيما بينها لتشكل لغة للتخاطب والتفاهم بين أبنائها على اعتبار أن الناس شعوب وقبائل وأكرمهم عند الله أتقاهم بينما أكرمهم عند الناس أنقاهم - بالظاهر طبعاً - لأن الله تولى السرائر وتكفل بها ولا يعلمها إلا هو لكن ما يؤرقني ويزعجني هو تجاهلنا للغتنا العربية الأصيلة وتساهلنا بها رغم أنها لغة القرآن الكريم الذي «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحكيم» وهي لغة خالدة على مر التاريخ ولم يكن الخلود للغة قبلها ولن يكون لبعدها رغم اختلاف الأزمنة وطول الأمد واللغة العربية هي ما يميزنا عن غيرنا لكننا لم نميزها عن غيرها بل استعضنا عنها بلغات ولهجات أقل شأنا منها تحت عباءة الحضارة والمدنية وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - « من تكلم لغة قوم بغير حاجة فهو منافق معلوم النفاق « ومن قدر له أن يخرج إلى الأسواق فسيرى العجب العجاب وسيسمع من الجمل والكلمات ما سوف يصيبه بالألم.
فتلك لوحة قد أخذت حيزاً كبيراً من الشارع لتحمل اسما أجنبيا رغم وفرة الأسماء العربية وتلك ملابس قد اتخذت من صدور أبنائنا وبناتنا مكاناً وبالمجان للترويج والدعاية للغة غير لغتهم الأم «العربية» وذاك بائع يروج للغته وثقافته - التي تختلف حتماً مع ثقافتنا - في أسواقنا ومجتمعاتنا قبل أن يروج لبضاعته بينما نقف مكتوفي الأيدي لا نحرك ساكناً فكيف لنا أن نسكن المتحرك؟ إنه ومنذ توحيد هذه البلاد على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - صدرت توجيهات المقام السامي باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للتداول والتعامل والمكاتبات الرسمية والحكومية في هذه البلاد الطاهرة وقبل سنوات تم التأكيد على ذلك من قبل المقام السامي مع التأكيد على منع جميع الأسماء الأجنبية للشركات والمؤسسات الوطنية المحلية وصدرت التوجيهات الكريمة أيضاً بعدم قبول الأسماء الأجنبية للمواليد السعوديين في الأحوال المدنية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية كل هذا لمعرفة ولي الأمر - يحفظه الله - أن من أهم واجباتنا أن نغرس حب اللغة العربية في نفوس المواطنين وبالتالي حب القرآن الكريم ومع كل ذلك نجد - وللأسف - من يتهاون بهذه التعليمات رغم شدتها ووضوحها للجميع بل إنك قد تجد من يتحدث اللغات الأخرى كالإنجليزية مثلا على اعتبار أنها اللغة العالمية الأولى وأنا لا أقول هنا أن تعلم لغة الآخر محرمة شرعاً بل أقول كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه « من تعلم لغة قوم أمن مكرهم « لكن أن يخرج إلينا أحد أبنائنا من تحت عباءة العولمة ليحيينا بتحية غير تحية الإسلام ثم يطالبنا أن نردها بأحسن منها أو بمثلها فهذا غير منطقي ولا مقبول مستبدلاً الذي هو أدنى بالذي هو خير فهذا مبدأ مرفوض طبعاً والأدهى من ذلك وأمر عندما تجد من لا يكاد يفقه قولا فيخلط الحابل بالنابل فعشر كلمات عربية وواحدة أجنبية - دون حاجة طبعاً - أو لم يكف أولئك القوم تشريفاً أن الله قد أنزل القرآن الكريم بلغتهم؟ أين هم من قوله تعالى «أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل»؟ لماذا يتحدث أحدهم على استحياء باللغة العربية؟ بينما يفتخر أنه يتحدث الإنجليزية مثلاً؟ ثم أين دور مثقفينا وكتابنا من هذه الظاهرة؟ أولسنا أمة التعلم والتعليم؟ أم أن أكثرنا قد التزم الحياد ولسان حاله «لم آمر بها ولم تسؤني»؟ إن المشكلة هنا ليست في التنازل عن لغتنا العربية -غم خطورة هذه الظاهرة - بل تكمن المشكلة في أن بعض شبابنا قد بدأ يتنازل عن هويتنا الوطنية كالزي مثلاً فقد استبدل الزي الرسمي لنا بالجينز والكاب وإطالة الشعر وعندما تجادله في هذه المسألة يبادرك القول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطيل شعر رأسه وهو لم يتبع من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم غير هذه السنة إن التعليمات السامية الكريمة كانت واضحة وصريحة من لدن المقام السامي لوازة الداخلية ووزارة التربية والتعليم وجميع الوزارات السعودية باعتماد الزي الرسمي السعودي للرجال والعباءة للنساء فكيف يفتخر أبناء الدول الأخرى بلغاتهم بيننا بينما نستحي نحن من لغتنا العربية الأصيلة؟ وكيف استمالتنا اللغات الأخرى على غفلة من الضمير؟ أو ليس اسم بلادنا المملكة العربية السعودية؟ أو ليست لغتنا العربية أسمى اللغات؟ إذاً لماذا يصر بعض من ابتلاهم الله بالتقليد الأعمى على طمس هوية وملامح لغتنا؟ إن علينا أن نتحرك سريعاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يطغى علينا سيل العولمة ثم نجد أنفسنا في لجة من الأمواج المتلاطمة ثم نقول «يا حسرتا على ما فرطنا في لغتنا « أو نقول «كانت اللغة العربية مصدر فخر آبائنا وأجدادنا من الصحابة ذات يوم ولم نتبع آثارهم فضاع مجداً تليداً بأيدينا بنيناه» والحكمة الإلهية تقول «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» إن الحمل كبير والتركة ثقيلة والأمانة عظيمة وسوف نسأل عنها أمام الله وعلى وزارتي التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام تحمل دورهما الديني والوطني للحفاظ على هوية أبنائنا ومجتمعنا وحماية ثقافتنا من الدخلاء الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ويسعون جادين ومجتهدين لطمس هويتنا العربية الأصيلة..والله يتولى الصالحين.