مدخل:
لقد قيل: إن الخادمة شرٌّ لا بد منه، وأنا أضيف «عند الضرورة».
وإلا فإن هذه الموجة العارمة لاستقدام الخادمات لحاجة ولغير حاجة تصبح مبررة ومنطقية.
حقائق:
بداية لا بد من التأكيد على مجموعة من الحقائق حول موضوعنا، منها:
أولاً: لم تكن الخادمة في أي وقت، ضرورة على الإطلاق، بل كانت غالباً لحاجة معينة مؤقتة غير دائمة واستقراء التاريخ بشكل عام يؤكد ذلك.
ثانياً: إذا سلّمنا جدلاً بضرورة استقدام الخادمة في بعض الأحيان ولبعض الأسر، فينبغي أن تكون هذه الضرورة مقدرة بقدرها ومنضبطة.
ثالثاً: إذا قلنا إن الخادمة ليست ضرورية بشكل عام فإننا نؤكد من جهة أخرى على أنه لا يترتب على استقدامها لحاجة مؤقتة ضرر كبير.
رابعاً: إن كثافة استقدام الخادمات والمربيات والعاملات بشكل عام مؤشر خطير وعامل مؤثر على مختلف الأصعدة.
خامساً: لا شك أن للمباهاة والتقليد والمحاكاة دور فاعل في تكثيف ظاهرة الخدم والخادمات.
سادساً: إن المآسي والأضرار والآثار العقدية والثقافية والاجتماعية والأمنية أكثر من أن تحصى، ودليل ذلك: قصص مروية وحكايات مشاهدة ووقائع منظورة فيها بيان لخطورة ظاهرة الخادمات.
اقتصاديات:
إن أبرز الآثار الاقتصادية جراء استقدام الخادمات تظهر بجلاء باستعراض واسع أسرة متوسطة الحال دخلها الشهري يتراوح بين 10-13 ألف ريال.
وبلغة الأرقام والإحصاءات، فإننا نشير إلى أن لدينا في مدينة الرياض على سبيل المثال قرابة مليون خادمة.
وبلغة الاقتصاديين الذين يقدرون التكلفة الأولية لاستقدام خادمة بما يتراوح بين 7-10 آلاف ريال، وتكلفة السنة الواحدة بما يتراوح بين 10-15 ألف ريال، وتكلفة سفرها ومخالصتها وإقامتها بما يتراوح بين 5-7 آلاف ريال. نجد أن تكلفة الخادمة منذ وصولها وحتى سفرها بعد سنتين فقط من الخدمة في بيت كفيلها تتراوح بين 25-30 ألف ريال.
وبنظرة واقعية أسرية، حيث نرى ميزانية تلك الأسرة محملة بعبء الخادمة الذي يستقطع نسبة تتراوح بين 15-20%!!
علماً بأن هناك تكاليف ومصاريف أخرى مثل: إيجار السكن وفواتير الهاتف الثابت والجوال والكهرباء والماء والإنترنت، وربما أقساط للسيارة والأرض، تستقطع نسبة تتراوح بين 80-85% من دخل الأسرة!!
فهل يبقى بعد ذلك كله شيء للتوفير والادخار فضلاً عن الاستثمار والتنمية؟!!. إنها نتيجة مهمة وحقيقة محزنة.
أقول هذا في حال تلك الأسرة المتوسطة الحال فكيف الأمر، وقد قلنا إن لدينا في مدينة الرياض وحدها قرابة مليون خادمة.
إذن: فإن مجتمع الرياض وحده ينفق ما بين 15-20 مليار ريال سنوياً!!. فكم يدفع المجتمع السعودي؟؟؟
ناهيك عن تأثير تحويلات الخادمات لبلادهن من العملة الصعبة أو العملة المحلية، وتأثيرهن على ميزانية الأسرة الشهرية والسنوية، والآثار تمتد أيضاً إلى الدخل الإجمالي الوطني.
خلاصة:
إن هناك نزفاً واستنزافاً وهدراً وإهداراً وسرفاً ومباهاة، جراء الاستقدام غير الرشيد للخادمات!!!.
- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية