دار الحوار التالي بيني وبين سائق تاكس باكستاني في إحدى المدن الخليجية.
س: كم سنة إنتا سواق تاكسي هنا؟
ج: 5 سنة.
س: كم فلوس في الشهر؟
ج: ألفين خمسمية درهم.
س: مين يجيب فلوس سكن وأكل؟
ج: كله من شركة مال تاكسي.
س: طيب، فلوس دوا كيف يجيب؟
ج: هذا كله من شركة.
س: إنتا فيه حرمة وأولاد؟
ج: إيوه فيه حرمة وثلاثة ولد كله في باكستان.
س: طيب باكستان ما فيه شغل؟
ج: لا ما فيه، باكستان فيه حرامي كثير، كله حرامي، بوليتيكس، بوليس، شركة، كله حرامي.
س: يعني بوليتيكس في باكستان كله حرامي؟
ج: إيوه، بس فيه كلام كثير قرقر قرقر.
س: طيب، إنديا أحسن أو باكستان؟
ج: بوليتيكس في إنديا شغل كثير قرقر قليل، باكستان قرقر كثير شغل قليل.
س: طيب بوليتيكس عربي كيف إنتا يشوف؟
ج: أوه هذا عربي كله على طول قرقر، ما فيه شغل والله. شغل كله يسوي فورينيرز (الأجانب).
انتهى الحوار.
كلام سائق التاكسي الباكستاني يختصر ألف مقالة ومقالة يدبجها جهابذة التحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. نفس الكلام يختصر أيضا ألف موعظة وموعظة يتنطع بها إصلاحيو الفضائيات. كلام هؤلاء كله (ونحن منهم) نستطيع وضعه في خانة القرقر.
في معادلة القرقر مقابل العمل نجد أن كل الشعوب التي ادركت أنها متأخرة في الطابور واعترفت بذلك وقررت اتخاذ النقلة النوعية، توقفت عن الكلام.
البرازيليون كانوا إلى وقت قريب يقرقرون كثيرا مثل العرب أو أشد قرقرة، ويمزجون قرقراتهم بالرقص في الشوارع والتظاهر بالمرح، بينما الأغلبية تعيش في أكواخ الصفيح، وأطفال الشوارع ينتشرون مثل الجراد في كل المدن وينامون تحت الجسور وفي الأبنية المهجورة والأزقة المظلمة. شخصيتان قياديتان تتابعتا على تسيير الأمور في البرازيل، فانتهت القرقرة وبدأ العمل. هكذا دخلت البرازيل إلى نادي النمور الاقتصادي.
خمس دول توقفت عن القرقرة وبدأت العمل بصمت في العقدين الأخيرين فقط فدخلت كلها إلى نادي المنافسين الجديين لقوى الاقتصاد العالمي. في الاصطلاح الاقتصادي الجيوسياسي تسمى هذه الدول مجموعة BRICS. التسمية هي الاختصار لدول البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب إفريقيا.
الزبدة: المجتمع الذي يبدد طاقاته في القرقرة المكتوبة والمسموعة والمصورة، وفي المزايدة على بعضه البعض ويمارس التكسب الاجتماعي والتربح المادي بامتهان القرقرة، هذا المجتمع ينطبق عليه حكم سائق التاكسي الباكستاني: فيه قرقر كثير يعني فيه شغل قليل.
اللهم انقلنا يارب من خانة المقرقرين إلى خانة العاملين.
