قال صاحبي: (هروب أروى بغدادي مع شقيقها أنس وزوجته وابنة شقيقها محمد إلى اليمن أحرج من كانوا يُزايدون على قضية المعتقلين وكشفهم). قلت: ربما أحرج بعض المخدوعين من البسطاء والسذج، أما كبار مشايخ الحركيين فلا أظن أن هروبها أحرجهم كثيراً؛ فهم يُدركون منذ البدء أن هؤلاء الموقوفين مدانون، وأصحاب مشروع، ودعاة فتن، كما أنهم على يقين لا يُخالجه شك أن الدولة لن توقف شخصاً دونما سبب، وأن هذه المرأة وكثيرين غيرها من الموقوفين قاعديون أقحاح، عدم التحفظ عليهم من قِبل السلطة تفريط بالأمن، وإيقافهم هو ضرب من ضروب الحزم وضبط الأمن، ومنع الجرائم قبل وقوعها. كل هذا يدركونه ويعرفون وجاهته، لكن هؤلاء المشايخ لهم في هذا التصعيد وهذه المزايدات، على هذه المرأة أو غيرها من الموقوفين، مآرب محض سياسية، ومن ظن بهؤلاء المشايخ الحركيين خيراً فقد فرط بأمنه وأمن مجتمعه.
هذه المرأة أُخرجت من السجن بعد أن كفلها والدها وأخوها كفالة إحضار، وكانت جلسات محاكمتها جارية، ومع ذلك ضحّت بكل شيء و(نفرت) - كما جاء في تغريدتها في تويتر - إلى اليمن، ضاربة عرض الحائط بكفالة والدها لها، وبكل قيم الوفاء والصدق في المواثيق، وهي تعرف أن هروبها يعني أن والدها - (كفيلها) - سيتحمل المسؤولية، وهذا ما حدث، إلا أن ذلك لا يُحرك عواطفها؛ فهذه الفئة لا تعترف بأية قيم، ولا نظام، ولا يحكمها دين إلا فتاوى أساطين الإرهاب؛ فالسلطة وعلماء البلد والقضاة وأجهزة الأمن، بل والمجتمع إلا من كان من فرقتها، كفار مباح دمهم، بل قتلهم - في رأيها ورأي أصحابها - يُقربك إلى الله زلفى.
والسؤال الذي تطرحه الحالة: هل يمكن لعاقل بعد اليوم أن يُطالب بإطلاق كائن بشري لا يطفئ ظمأه إلا لعق الدماء؟
أقول: (رُبَّ ضارة نافعة)؛ هروب هذه المتهمة أجد أنه سيجعل (المخدوعين) الذين كانوا يطالبون بالإفراج عن هذه الكائنات البشرية الموبوءة بلعق الدماء كمن يطالب بإطلاق وحوش ضارية في مدن وقرى المملكة؛ فهذه المرأة هربت إلى اليمن، حيث قيادة القاعدة وأساطين الإرهاب، وليس لديّ أدنى شك أن نسبة من الموقوفين لو أُطلقوا للحقوا بأروى في اليمن، ثم سيعملون من هناك بكل ما أوتوا من حيلة وخداع للعودة إلى المملكة للتفجير والتقتيل وإراقة الدماء، وهذا غاية ما يطمحون إليه؛ فمعركتهم الأولى هي في بلادنا، ومع أمننا واستقرارنا.
لقد كانت أروى هذه ومعها كثيرون محل مزايدات بعض من يتسمّون أو يسميهم الناس (مشايخ الصحوة) المسيسين، يُطالبون بالإفراج عنهم، على اعتبار أنهم مظلومون، وأن التحفظ عليهم غير مبرر، ولا يُقره شرع ولا نظام. ولو طُلب من أحد هؤلاء أن يكفل واحداً أو واحدة من هؤلاء الموقوفين قبل إطلاق سراحها لتهرّب؛ لأنه يعرف يقيناً أن من سيُطلق منهم سيفر (قطعاً) إلى اليمن، ومن هناك سيمارس إرهابه ومؤامراته على بلادنا، غير أنه يُزايد لأسباب محض سياسية.
بقي أن أقول بعد أن اتضح الأمر وتجلت الحقيقة: أمننا لا يمكن التفريط فيه، وإطلاق هذه الوحوش الضارية، ومصاصي الدماء، مهما كانت حجج ومزايدات المزايدين، فيه تفريط بأمن البلاد، وطالما أن ثمة ملاذاً آمناً لهذه الكائنات الموبوءة (كاليمن) سيلجؤون إليه، ويعودون منه ليمارسوا إرهابهم، فإن عدم التحفظ عليهم، وإطلاق سراحهم، كأن تطلق مجرماً خطيراً وأنت تعرف يقيناً أنه سيعود إليك عاجلاً أو آجلاً، وبكل ما يملك من قوة، سيحاول أن ينسف أمنك واستقرارك؛ فلا تسامح مع الإرهاب والإرهابيين، وليكن لنا في هروب أروى بغدادي عظة وتجربة في كيفية التعامل مع أقرانها وقريناتها الموقوفين؛ يكفي لكي تعرف مدى خطورة إطلاق سراح هذه المرأة تغريدتها في تويتر التي تقول فيها: «إلى أخواتي في سجون الجزيرة سنحرركن بأناس الموت أحب إليهم من الحياة»؛ فلا مزايدات بعد اليوم أيها الحركيون؛ فهذه إحدى نتائج مزايداتكم: قنابل بشرية موقوتة، ستنفجر في أية لحظة.
إلى اللقاء.