ما إن بدأ مجلس الشورى الموقر العمل حتى بدأ في خطف الأضواء في الداخل والخارج، فمعظم، بل جميع وسائل الإعلام الوطنية، سواء المرئية أو المقروءة، أفردت مساحات كبيرة لتغطية أخبار المجلس، وما يدور داخله من مناقشات ومشاريع قوانين، وما يصدر عنه من قرارات، وقد أعطى هذا انطباعاً إيجابياً ورد فعل كبير الأثر لدى المواطن، فضلاً عن المتابعين والمهتمين، وأكد الدور الرائد والفاعل للمجلس في بناء نهضة الوطن.
وللحقيقة، فإنني بوصفي متابعاً فوجئت بالمستوى الراقي والأداء النشيط والمتميز للسيدات عضوات المجلس، من خلال المداخلات والمشاركات، سواء داخل المجلس أو خارجه، خاصة أثناء زيارة وفد الشورى للمملكة المتحدة، ولقاء مجلسي العموم واللوردات البريطاني.
وقد احتفت الصحافة ووسائل الإعلام البريطانية بوفد الشورى، خاصة السيدات العضوات، وتداولت وسائل الإعلام حديث الدكتورة ثريا عبيد الذي قالت فيه: «هناك ملفات كثيرة أمامنا، فيها ما يخص المرأة، وفيها ما يخص الوطن عامة». وقُوبل ذلك بإعجاب وحفاوة من جانب البرلمانيات البريطانيات؛ فقد قالت البارونة سايمونز: «اللقاء كان رائعاً مع البعثة ومع أعضاء الشورى».
ليس هذا فقط، بل إن رئيس مجلس العموم البريطاني أندرو لينزلي قال: «إن تعيين سيدات في مجلس الشورى السعودي يعد خطوة كبيرة ومهمة، وهناك نقاط توازٍ بين مؤسساتنا البرلمانية ومجلس الشورى السعودي».
وسائل الإعلام البريطانية تداولت نشاط الوفد ولقاءاته المختلفة باهتمام كبير، رسم صورة ذهنية لدى الجمهور البريطاني عن المملكة ونظامها البرلماني الذي يحظى بثقة وتقدير أعرق برلمانات العالم. وفي هذا الاتجاه جاء كلام معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ، الذي أعطى نبذة عن نشأة وتاريخ المجلس، وقال: «عمل المجلس لا يختلف في منهجه عن العمل البرلماني؛ فهو يمارس الدور الرقابي والتشريعي».
اللافت في الأمر أن وزير خارجية بريطانيا وليم هيج كان حريصاً أيضاً على سماع وجهة نظر ورؤية الوفد في قضايا الساعة، وقد عبَّر عنها بوضوح وفد الشورى، الذي أكد دعم المملكة لحقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة مساندة ودعم الشعب السوري في مواجهة البطش والطغيان، وكذلك تطورات المنطقة العربية.
لقد تابعتُ وقمت بتقييم أداء بعض البرلمانيين المصريين في فترات سابقة، وللأمانة فالأداء القوي والنشيط للسيدات عضوات الشورى - رغم حداثة عملهن البرلماني - يؤكد أن الاختيار كان للكفاءة والخبرة اللتين يتمتعن بهما، ويحتاج إليهما الوطن في هذا العصر المتغير؛ وهذه التجربة ستزيد من رصيد الشورى في بناء ونهضة الوطن إن شاء الله.
الحفاوة البريطانية الكبيرة والاهتمام البالغ اللذان حظي بهما الوفد يدلان على صحة المسار الرائد الذي نسلكه في الإصلاح والنهضة الشاملة للوطن، ويبرهن بشكل قاطع على ريادة وتميز التجربة في المحيط العربي، ويؤكد أن الوطن ينهض بخطى ثابتة خلف قيادة راشدة حكيمة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده -حفظهما الله-.
وليعلم الجميع أن قطار نهضة أمتنا انطلق ولن يتوقف إلا في محطة العزة والصدارة.
