قد يستغرب الكثير ممن يعارضون الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة اهتمام الجهات الحقوقية والناشطين بتفعيل هذه الاتفاقية التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية من عام 2000م لكن للأسف الشديد هناك تباطؤ واضح في الالتزام بها من الجهات التنفيذية لحماية الحقوق الانسانية عامة والشرعية خاصة للمرأة! وقبل أن ترتفع الرايات المُعارضة لذلك، فإنني مُدركة بأننا بلد إسلامي يقوم على تطبيق الشريعة الإسلامية قبل جميع الاتفاقيات الدولية ولكن قد نكون في غنى عنها وعن التوقيع والالتزام ببنودها التي لا تخالف شريعتنا الإسلامية لو لمست فعلاً الجهات الحقوقية الدولية بأن هناك رعاية كريمة للمرأة لا تستوجب التدخل الدولي! والشواهد كثيرة تعاني منها النساء المستضعفات والمظلومات بغض النظر عن النساء المتنعمات بالمكانة والدخل والمركز الوظيفي! ولا ألوم ممن ينتقدون هذه الاتفاقية ويتحفظون عليها ويستنكرونها ويعلقون انتقاداتهم على حجة معارضتها لديننا الإسلامي، وهذا لا يمت للحقيقة بصلة، لأنهم بعيدون عن الواقع الفعلي لكثير من النساء المُعنفات والسجينات والمفرج عنهن والمطلقات والمعضولات، وبعيدون كل البعد عن معاناتهن في الحياة، وما يكتبونه من انتقادات لاتفاقيات دولية تناصرهن سيدخل في أمانة القلم والكلمة التي سيحاسبون عليها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم! فهذه الاتفاقيات تحتاج إلى الالتزام بها ممن لا يتقون الله في نساء المسلمين، وممن يُفسرون الآيات الكريمة بما يُضر المرأة المسلمة، وممن يتمسكون بالأحاديث الضعيفة والموضوعة التي تضرهن أكثر مما تحفظ كرامتهن وتدفعهن بذلك للانحراف أو الجريمة، والشواهد التي أتعايش معها يومياً من خلال عملي مع حالات العنف الأسري والحالات المفرج عنها بعد السجن كثيرة وتؤلمنا لأنها تصدر ممن يدّعون تمسكهم بالتعاليم الإسلامية ووقوفهم بجانب المرأة وهم على كراسيهم العلمية التنظيرية! وسأذكر لكم بعض المواقف التي تسيء لنا كمسلمين، وتدفعنا للاستنجاد بإلزامية تطبيق الاتفاقيات الدولية سواء لإنقاذ المرأة أو الطفل ومنها الآتي:
*- تُطرد المرأة المُطلقة من منزلها في أي وقت مجردة من مستحقاتها الشخصية وعندما تستنجد بمراكز الشرطة يستنكر شكواها بحجة أن الزوج صاحب البيت وهو حر في ماله!
*- الضغط على الزوجات لطلب الخلع عندما تستحيل العشرة الحسنة ويتحول حالها من مظلوم إلى ظالم ويلزمها القاضي بتقيم مبلغ وقدره لخلع نفسها بعد سنوات من العنف الواقع عليها! ويبررون ذلك استنادهم لتفسير لحديث “ردي إليه حديقته”!
*- يتم دفع الفتيات للهروب وربما الانحراف والدخول للسجن بسبب عضلهن حتى يتقدمن في العمر بحجة عدم كفاءة النسب التي لم تنص عليها شريعتنا التي أوصت بتزويج من ترضون دينه وخُلقه وليس نسبه وقبيلته!
*- يتعرض الأطفال للتحرش الجنسي والعنف والاستغلال من آباء مدمنين أو مرضى نفسيين ولايتم إنقاذهم الإنقاذ الكامل بحجة الولاية للأب! وقد يسبب البطء في إنقاذهم شرعاً للعنف القاتل!
*- تعاني المطلقة من إهدار حقوقها في السكن والنفقة لأطفالها وتعيش مذلة لايستهان بها لعدم تفعيل قرار استقطاع راتب الأب إلى الآن من أجل تأمين حياة كريمة لأطفاله!
*- المرأة السجينة لا أهلية لها حيث لا تخرج مثل الرجل بعد انتهاء عقوبتها وتظل تحت رحمة رضى ولي الأمر لكي يستلمها حتى لو كان سبباً في انحرافها! والكل يخاف من ردة فعله لو يستلمها رغماً عنه! وفي نفس الوقت لايوافق على خروجها أو تعليمها أو تزويجها! فهذا الظلم الذي لا يرضى الله ولا رسوله ما رأي كل من يحارب الاتفاقيات الدولية للقضاء على اضطهاد النساء وديننا منهم براء في ذلك، وما خفي كان أعظم، حيث لم تسمح لي مساحة المقالة لذكرها؟!
moudyahrani@ تويتر