|
عادل الشايم - الرياض:
إذا كنت تتحدث عن الشخص الذي يعرف مايريد ولكنه لا يعرف ماذا يفعل فإنت في الغالب تتحدث عن المتدربين، ويتعلق الأمر هنا بالشباب الذين تراهم في شركة خاصة أو إدارة حكومية، أما المفارقة فتتعلق بأن هؤلاء الأشخاص الذين يمكن بسهولة تمييز عدم انتمائهم إلى الطابع العام لبيئة العمل، هم أنفسهم الذين يمكن رؤيتهم يؤدون كل شيء، أو لا يؤدون شيئا على الإطلاق.
التدريب الميداني أو ما يعرف بالتطبيق هو أحد متطلبات الدراسة الجامعية لكنه في حقيقة الأمر الاختبار الفعلي الأول الذي يخضع له الشاب ليتأكد من قدرته على تحمل المسؤولية العملية.. غير أن الجدية التي يتعامل بها المتدربون مع تجربة التدريب، ما زالت موضع نظر بين من يعملون على رفع كفاءتهم وتهيئة قدراتهم للعمل.. في مقابل من يريدون فقط أداء الواجب الجامعي والحصول على التقييم.
المتدرب ليس شخصا مهملا بالضرورة، هذا هو فحوى مايقوله «سعود عمران» بينما يقرأ صحيفة في ساعات الدوام الرسمي لفترة عمله بإدارة للعلاقات العامة «وجودنا لوقت طويل دون أن نؤدي عملا لا يعني أننا غير مبالين، أحيانا لا تكلفك الإدارة بأي مهام.. كما أن بعض المدراء يعتبرون أن عملهم يتمتع بخصوصية لا تجعل من الممكن أن يضطلع به أو يساعد فيه أحد من خارج دائرة الموظفين أنفسهم»
ملامح الإشكالية لا تأخذ وجهاً واحداً في مرآة التدريب، وإذا كان أسوأ الأحوال هو ذلك الذي يتعامل فيه الطالب بتجرد تام مع فرصة اكتساب المهارة العملية، فإن الاحتمال الذي لا يقل سوءا هو أن يقوم صاحب العمل باستغلال هذه القدرات الشابة في تنفيذ أعمال تثقل كاهلهم ولا تتصل مباشرة بمجال تخصصهم، وهو اتجاه قد يقترن بطريقة خاطئة مع حماس المتدرب الذي ينظر بجدية لتجربة العمل الافتراضية دون أن يكتشف أن هناك من يجيرها لصالحه، وهو ما يتحدث عنه الطالب أحمد الشمراني الذي خاض تجربة تدريب في إحدى الجهات الأهلية «كنت أحاول تعلم بعض الأشياء العملية وإثبات رغبتي في تقديم نفسي لتلك الجهة بشكل يجعلها تتعاقد معي، لكني وجدت أن كثيرا من الجهد الذي أبذله لا يتفق مع تخصصي فضلا عن أنه كان يجيّر لأشخاص آخرين في جهة العمل».
بدرجة أقل من الهدوء يتحدث عدد من طلاب قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذين هم على عتبه التخرج. فشخص مثل عبد العزيز الراشد لا يستطيع إخفاء امتعاضه وهو يواجه صعوبة في التواصل مع الدكتور المشرف على التدريب حيث اضطر أحيانا للذهاب إلى الجامعة فقط من أجل مناقشة الدكتور حول التقرير الشهري المتبع وعن صعوبة الوضع في الجهة التي يتدرب بها، يقول نظرة الاستغلالية أجدها متمثلة في الجهة التي أطبق بها في أحيان كثيرة أجد نفسي وكأني موظف لديهم بل أكاد أجزم أن بعض موظفيهم قد لا يستطيع القيام بها، توكل إلي مهام تصعب لدى أي متدرب من حيث تغطية بعض المواضيع وغيره الكثير لكن في النهاية أتيت طموحاً لنيل الدرجة كاملة ولو بشق الأنفس.
بينما محمد الدريس - طالب إعلام - يتحدث في سياق الموضوع بقوله إن منهجية التدريب غير واضحة حيث لا توجد برامج تدريبية متفق عليها بين الجامعة والجهة التي تدرب كل ما عليك هو الحضور لكي توهم المشرف على التدريب في الجهة التي تمارس التدريب فيها بأنك موجود وهذا التواجد في أحيان كثيرة لا يهدف إلا من خلال تأدية مهام شخصية فقط كترتيب أسماء وجدولتها أو توكل إليك مواضيع تجد أنها لسد فراغك أو لتسليتك ودليل ذلك لا يناقش موضوعك من قبل المشرف أي لا يبالي بما تفعل.
وعن الفوائد المرجوة من خلال هذا التدريب والاحتكاك في العمل الصحفي يقول سلطان الجريسي - طالب إعلام - مبدياً رأيه أن أغلب الممارسين للعمل الصحفي غير متخصصين في هذه المهنة بل أجدهم هواة بل البعض منهم أوجد نفسه عن طريق الصدفة فأصبح ممارساً لها لكن هذا لا يلغي مدى الفائدة المرجوة على الطالب من خلال ما ذكرت حيث استفدت من النصائح وكذلك التجارب الشخصية لدى البعض منهم.
وعن مبدأ الترسيخ وإثبات الذات وتثبيت المستقبل في العمل الصحفي بعد نيل شهادة البكالوريوس يقول عبدالعزيز هو بمثابة حلم أن أكون صحفيا متمكنا في إحدى الصحف سواء الورقية أو الإلكترونية. فالصحافة لا تعني النشر فقط لصحفي بل جسر لبناء علاقات مع شخصيات ذات نفوذ وشهرة واسعة في البلد من خلال تلك العلاقات كذلك تبني المواضيع التي تمس حاجة المواطن وغير ذلك كسب الشهرة.
لكن محمد يناقض عبد العزيز من خلال توجهه بعد التخرج بقوله الضمان الوظيفي هو ما أطمح إليه من خلال نيل تلك الشهادة مفضلاً العمل الحكومي عن الخاص فالصحافة لا ترتبط بالشخصية بل بما تقدمه من عمل ينال الاستحسان حيث في الوقت الراهن يصعب أن تثبت نفسك كصحفي متفرغ لصحافة بشكل عام بل أفضّل العمل الحكومي مقروناً بالصحافة كمتعاون.
التقييم هو ما أطمح إليه في هذه الآونة بعيدا كل البعد عن ممارسة العمل الصحفي يقول سلطان فأنا لا أميل للصحافة بشكل أكبر غير أن نيل الدرجة كاملة من خلال التدريب هو من أوقعني في الصحافة فوجودي بهذا التخصص ليس بادرا عن قناعه ولا عن ميول بل المعدل التراكمي هو من ساقني إلى هذا التخصص.