|
سمير خميس - الرياض:
لم يدر بخلد الشاب حسين سليمان الزهراني أن نصيحة عابرة توصيه بزيارة محل يقدم خدمات «المساج» لعلاج ألم يشتكي منه في «الإبهر» ستتسبب له بمضاعفات خطيرة، تجبره على الذهاب إلى المستشفى وأخذ العلاج اللازم لوقف التدهور التي تسببت فيه تلك الزيارة العابرة.
وبالرغم من تجربته السيئة، إلا أن الزهراني يعتقد أن «المساج» في مجمله هو علاج ناجح لكثير من الأمراض شريطة أن يكون على أيدٍ متخصصة ومدرّبة في هذا المجال، ومشيرًا إلى أن من الحلول العملية للقضاء على مثل هذه السلبيات هو إشراف وزارة الصحة على محلات «المساج» كي تُضمن استمراريتها بشروط سليمة وصحية.
حسين هنا يتفق مع دعوة سابقة لمفتي المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، طالب فيها وزارة الصحة بالإشراف على خدمات «المساج» قبل أن تصبح خطرًا على المجتمع.
فيما يعلّق وليد الحمد مدير أحد مراكز «المساج» بمدينة الرياض على مثل هذه الدعوات بقوله: مع ازدياد ضغوط الحياة، يكون المرء بحاجة لخدمة توفر له الاسترخاء والراحة، وتريحه من عناء أعباء الحياة، وهذا ما تحاول أن تسهم فيه محلات «المساج»، أي نعم إنه في هذه الأيام انتشرت مثل هذه المحلات بكثرة، وبين حين وآخر نشاهد ونسمع أخبارًا عن إقفال بعض هذه المحلات لبعض المخالفات الحاصلة فيها، إلا أنني أرى أن وجود مثل هذه المحلات هو ضرورة في هذا العصر الذي نعيشه، نظرًا لضغوط العمل المنتشرة بين شريحة كبيرة من شرائح المجتمع.
رحلة سياحية إلى تايلند، حفزت الحمد على افتتاح مشروع تجاري مربح يتولى إدارته، يتمثّل في محل يقدم خدمات «المساج»، لكن الحمد يتوقف هنا قائلاً: الفكرة في كثير من الأحيان قد لا تكفي، إذ إن الهواية لها دورٌ كبيرٌ في البدايات التي توصلك في النهاية إلى الاحتراف في تقديم مثل هذه الخدمات.
ويضيف: أهم نقطة من وجهة نظري في محلات «المساج» تتركز في العمالة نفسها ومدى احترافيتها، فكل ما كانت الاحترافية حاضرة مع الالتزام بأخلاقيات المهنة، كل ما كانت المشكلات أقل والعمل ناجحًا، مضيفًا بأن المعايير لا بد أن تكون فاعلة للحفاظ على صحة وسلامة الزبائن، سواء كانت هذه المعايير من أمانات المدن والبلديات، أم من وزارة الصحة.
ولم تنته علاقة وليد بتايلند عند حدود تقديم الفكرة فحسب، بل تعدتها إلى تقديم العمالة التايلندية، التي يعدّها وليد العمالة الأفضل في تقديم خدمات المساج، تليها العمالة الإندونيسية، فالفلبينية.
وعادة ما يكون اختيار الحمد لعمالته مبنيًا على التجربة الشخصيّة، أو من خلال الارتباط ببعض المكاتب المتخصصة في تقديم هذه الخدمات في نفس الدول التي ينوي الاستقدام منها، مع سلسلة الإجراءات القانونية التي يتطلبها فتح محل يقدم خدمات «المساج» التي تبدأ من موافقة الدفاع المدني على إجراءات السلامة المطبقة في المحل، ثمَّ من رعاية الشباب، ثمَّ من صحة البيئة التابعة لأمانات المناطق، ثمَّ من البلدية.
ويعتقد الحمد أن كل هذه الإجراءات، تقوم بها البلديات لكن بمقاييس معينة، مثل أن يشتمل المحل على العلاج الطّبيعي والحمام المغربي، واشتماله أيضًا على معدات طبية، وشهادات معتمدة في مثل هذه المحلات، مشيرًا إلى عدم إشراف وزارة الصحة على مثل هذه المحلات، ومختتمًا حديثه بالإشادة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ترتبط بعض زياراتهم بملاحظات يكررونها حيال وجود الموسيقى في بعض الأحيان بشكل مهذب وراقٍ.
ويتداخل معنا في هذا الموضوع أحد العاملين في هذا المجال وهو الشاب أمجد الذي أشار إلى نقطة طريفة تتمثّل في أن الكثير من الحجوزات التي ترد إلى محلهم المخصص للرجال، تكون عن طريق نساء راغبات في الحجز لأزواجهم، مضيفًا أن الفئة العمرية الغالبة التي ترتاد المحل هي من 25 سنة فما فوق، كما أن الرياضيين والممثلين المشهورين يمثلون نسبة لا يستهان بها من الزبائن.
ويُعدُّ أمجد أن محاولة الكثيرين افتتاح محلات للمساج أمرًا غير صحي من وجهة نظره، كون أن خدمة تقديم «المساج» ليست للتجارة فحسب، وإنما خدمة تتعلّق بسلامة وصحة الزبائن، الأمر الذي يحتم الدقة في اختيار العمالة التي تقدم هذه الخدمات.
ويقسم أمجد الرخص المطلوبة لافتتاح محلات «المساج» إلى قسمين: المحلات المرتبطة بالأندية الرياضية عادة تكون تصريحها من رعاية الشباب، أما المحلات المستقلة فتكون تصاريحها مرتبطة «بالواسطة» إذ يعتقد بعدم إمكانية أي شخص افتتاح محل خاص للمساج فقط.
من جانبه يعتقد الدكتور بدر الشيباني أن خدمة «المساج» هي جزءٌ لا يتجزأ من أنشطة الأندية الرياضية، كما يعتقد أن أي فني متخصص بإمكانه تقديم هذه الخدمة شرط أن يكون مؤهلاً تأهيلاً سليمًا، لذا يرى بأن إشراف البلديات على مثل هذه المحلات أكثر من كافٍ، شرط ألا تكون هذه المحلات مستقلة بذاتها كمحلات تقدم هذه الخدمة فقط، بل عليها أن تكون جزءًا من ضمن منظومة متكاملة كما يحدث في الفنادق والأندية الرياضية، فالمحلات التي عادة ما تكون ملحقة بصوالين الحلاقة، أو المحلات التي تستحدث غرفًا صغيرة تحت ذريعة تقديم «المساج» عادة ما يكون الوضع فيها وضعًا مشبوهًا نظرًا لأنّها تفلت في بعض الأحيان من الرقابة، عكس لو كانت ضمن منظومة كاملة كما سبق وبينت.
وأضاف الشيباني: العاملون في المساج ينقسمون إلى نوعين: نوع تدرب على مثل هذا النوع من الخدمات وحصل على شهادة دبلوم تفيد بذلك، أو اكتسبها بالخبرة ومن الممارسة الطويلة في تقديم هذه الخدمة، والنوع الآخر هو فني علاج طبيعي وهذا عادة ما يكون تخصصه أوسع، ودائمًا تجد أنه عندما تذهب إلى المراكز الكبيرة والمرموقة التي تقدم مثل هذه الخدمات، تجد لديها نوعًا من الاستبيان تقدم فيه أسئلة معينة متعلقة بالحالة الصحية للزبون ككل، وبناء على هذا الاستبيان، يقدم لك المساج المناسب لحالتك الصحية، لذا اقترح على الباحث عن مثل هذه الخدمات الذهاب إلى مراكز كبيرة ومعروفة كي يضمن الشخص الخدمة المقدمة إليه.