كشفت نتائج اختبار مركز قياس الذي تقدم له الخريجون الجامعيون المرشحون لمهنة التعليم أن نصف هؤلاء الخريجين فشلوا في تحقيق الدرجة الدنيا في ذلك الاختبار. هذه النتيجة المفزعة يجب أن تدق ناقوس الخطر؛ ليسمعه كل التربويين. والخطورة هنا تأتي من استحالة تحقق تنمية عظيمة بدون تعليم جيد، واستحالة تحقق تعليم جيد بدون معلم متميز.
للأسف أن اجتياز اختبار قياس يجب ألا يمثل سوى الحد الأدنى من شروط دخول مهنة التعليم؛ فهناك دائماً متطلبات أخرى لمهنة التعليم، يتم غالباً تجاهلها. فمثلاً، يجب أن يكون لدى الخريج رغبة صادقة في التعليم، ولا يعاني من أي اضطرابات نفسية وسلوكية، ولا يتعاطى المخدرات، ولديه سجل أمني نظيف، ويمتع بشخصية كارزمية.
السؤال المهم هو: كيف يتحقق لتعليمنا معلمون متميزون؟ في ظني أننا لن نصل إلى المعلم المتمكن طالما بقيت مهنة التعليم نفسها غير جاذبة اجتماعياً واقتصادياً للخريجين المتميزين، وطالما بقيت كلية التربية كلية من لا كلية له. في ظني أن مهنة التعليم ستكون بخير متى ما أصبحت كليات التربية تنافس جميع الكليات في جذب الطلاب (كما في فنلندا)، حينها ستمر عملية اختيار المعلم بعمليات فرز وغربلة متشددة، لا يجتازها إلا من امتلك قاعدة معرفية صلبة، وميولاً ورغبة في مهنة التعليم، وشخصية قيادية مؤثرة. أما إن بقي همنا الأول مجرد ملء مقاعد تربوية جامعية شاغرة، وشغل وظائف تعليمية شاغرة، فعلينا أن نتوقع مثل تلك النتيجة التي أعلنها مركز قياس.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود