امتدادًا لما كتبته عن السياحة وكان آخره المقالات التي صاحبت أسبوع السياحة والسفر، أكتب هذا المقال بغرض التوضيح وكذلك الإشارة إلى بعض ما لفت انتباهي بمهرجان السَّفَر والسياحة.
عن النزل السياحيَّة -هذا المسمى كما تستخدمه هيئة السياحيَّة- أشرت إلى أنّه يوجد لدينا نموذجان في الغالب الفنادق الكبرى والشقق المفروشة حتَّى غدت هذه الشقق في كلِّ شارع وحي تقريبًا. نحن نحتاج الفنادق الكبرى والشقق، لكن السُّؤال هو أين التنويع في هذا الشأن؟ أين هي النماذج الأخرى التي تتيح مزيدًا من الخيارات، بالذات أمام الأسر المتوسطة والشباب؟
على سبيل المثال لماذا لا توجد لدينا موتيلات متوسطة وموتيلات الطرق وموتيلات البيات والإفطار مثال ما موجود في دول شمال أمريكا؟ لماذا لا توجد لدينا بيوت الضيافة التي تقوم عليها الأسر مثل تلك الموجودة بكثرة في أوروبا؟ لماذا لا توجد لدينا المنتجعات السياحيَّة المتكاملة مثل تلك الموجودة في دول مثل تونس وغيرها بعيدًا عن صخب المدن الكبرى؟
لست مع القائلين بأن تلك النماذج لا تناسب الأسر السعوديَّة، وأراها مهمة هيئة السياحة طرح مثل تلك النماذج والمساهمة في وضع آليات لدعمها من ناحية التصريح والتنظيم والدَّعم المالي والفني. أليس التثقيف السياحي جزءًا من مهام الهيئة؟ هيئة السياحة مطلوب منها تجاوز الحديث عن الإستراتيجيات النظرية إلى تقديم النماذج العملية. لقد زرت جناح الهيئة بمعرض السياحة والسَّفَر فوجدته مكررًا في مكوِّناته الأساسيَّة، لذلك اقترح على الهيئة أن تعرض في العام القادم نماذج مجسمو لمختلف الأفكار السياحيَّة، بما فيها ما اقترحته أعلاه. لا بأس من جعل جناحها تثقيفيًّا للقائمين على مشروعات السياحة بأن تطرح لهم نماذج متنوّعة، حتَّى ولو كانت نماذج من دول أخرى. هذا إذا أعتبرنا مهرجان السياحة ملتقى لصناعة السياحة والهيئة يهمها مساعدة صنَّاع السياحة وليس مُجرَّد معرض للجمهور يتذوّقون فيه أطعمة المناطق المختلفة والموتيلات..!
وامتدادًا للحديث حول معرض السياحة أشير إلى نموذجين الأول أعجبني وقدَّمته إمارة مكَّة المُكرَّمة ويتمثّل فيما يعرف بمشروع صنع بأياد مكية ويحاول تقديم هدايا للزائرين تمثِّل الرموز المكية ونستطيع أن نقدمها للزوار كتذكار من بلادنا بدلاً من أن يأتي الزائر إلى مكَّة فلا يجد هدية محليَّة معبِّرة عنها يستطيع حملها معه وكل ما يجده سبح رخيصة وما شابهها من البضائع المتواضعة مصنعة في بلاد أخرى ولا علاقة لها ببيئتنا. نحن من ضمن البلاد التي لا تجد فيها تحفًا وإهداءات محليَّة بشعاراتنا ومعالمنا تهديها للزائر والمسافر والمهتم، لذلك نأمل أن تكون مبادرة صنع بأياد مكية خطوة مشجِّعه في هذا الاتجاه.
النموذج الثاني كان قرية سياحيَّة يعتزم إنشاؤها بمنطقة الباحة واستغرب من إنشاء شاليهاتها من الإسمنت بدلاً من أن تبنى وفق الطريقة التَّقْليدية للمنطقة بالحجارة الطبيعيَّة المتوفرة بالمنطقة، بل استغرب إنشاء ما أسموه قرية تراثية جديدة والمنطقة مليئة بالقرى والمنازل القديمة التي هجرها أهلها وتستحق أن نختار منها مجموعة يتم ترميمها وإيصال الخدمات لها لتكون قرى تراثية سياحيَّة حقيقية بدلاً من إنشاء قرى إسمنتية جديدة؟ لست أدري هل السبب يعود إلى كونها نظرة القائمين على السياحة بالمنطقة تقليد الآخرين، أم أنّه جمود النظام في موضوع شراء أو استئجار أو دعم أصحاب تلك القرى والمنازل القديمة لتصبح قرىً سياحيَّة وبتكاليف تقل عن إنشاء مدن إسمنتية حديثة.
السياحة ليست مُجرَّد تقليد -وإن كنَّا حتَّى في هذه نعاني- بل أفكار جريئة ومُتطوِّرة تمنحك التَّميز والتنوّع والاختلاف عن الآخرين. السياحة كلمة السر فيها الجذب فكيف نجذب الآخرين؟
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm