قبل أيام كتب صحفي هندي مقالا عما يتوقعه عن مصير الحملة السعودية لتصحيح وضع العمالة الأجنبية المخالفة، يطمئن فيه الهنود حكومة وشعبا، مؤكدا أن السعوديين لن يصمدوا طويلا لانعدام إمكانيات الصمود لديهم، ولأنهم فقط يناورون.
من محاسن الصدف أن واحدا من كتابنا اللامعين اسمه سلطان العامر، كتب في جريدة الحياة عدد الثلاثاء 9-4-2013م مقالا عميقا بعنوان: وزارة العمل بين كارل ماركس وآدم سميث. بنظرته الثاقبة أوضح سلطان العامر أن السعودية منذ فترة الستينات ولأكثر من ثلاثة عقود قامت بتعضيد القطاع الخاص ليقوم بمهام التنمية الوطنية، بينما تكفلت هي (الدولة) بمهام التوظيف في القطاع العام وإبقائه كمنطقة الجذب للعمالة السعودية بمهاراتها المتواضعة وبميزات القطاع العام في المرتبات وساعات العمل وإمكانيات الأهمال والتسيب.
يرى الكاتب أن الدولة في تلك المرحلة تصرفت (نوعا ما) بعقلية آدم سميث، حيث فتحت لأرباب العمل في القطاع الخاص أبواب استقدام العمالة الأجنبية الرخيصة، ليتحكم رب العمل في تدريبها وساعات عملها ومرتباتها وتحركاتها بشكل شبه كامل. ترتب على هذا التصرف الازدواجية بين تركيز الخبرات العملية في يد الأجانب مع تدليع القطاع الخاص بالعمالة الرخيصة المستقدمة، مقابل تبني القطاع العام بمواصفات الأداء فيه المعروفة للجميع. هكذا تعود القطاع الخاص على رخص العمالة والتحكم فيها، بينما استمر القطاع العام في التنبلة، وهكذا تطورت شبكة مصالح بين القطاع الخاص والعمالة المستقدمة والاستقدام، ومن يستطيع تفكيك شرابيكها يستحق جائزة نوبل بجدارة. هكذا أيضا تحول السوق السعودي إلى أكبر ورشة للتدريب واكتساب المهارات للعمالة الأجنبية وللسيطرة والتحكم في كل شيء وبدون اسثناء.
خلال حوالي ثلاثة عقود تقريبا تنامى عدد السكان السعوديين كثيرا لدرجة تهدد بانهيار القدرة الاستيعابية للقطاع العام المتشبع أصلا منذ زمن طويل.
التكملة في الحلقة القادمة.