مسافرٌ فيكِ مَلَّ أَسفارَهْ
مَضَى، ولم يَقْضِ منكِ أَوطارَهْ
اسْتَجْمَعَ الذكرياتِ نافرةً
واسْتَلَّ مِن مُقلتَيكِ أَسرارَهْ
فانْطَفَأَتْ -رَغْمَ وَمْضِ صَمْتِهِما-
زوابعٌ بالغموضِ مَوَّارَةْ
وحينَ لم يَبْقَ فيهما أَلَقٌ
رَنَوْتِ تَسْتَكْشِفِينَ أَغوارَهْ
فاسْتَوْدَعَ اللَّهَ فيهما شَجَناً
كمْ ذَادَهُ عنكِ وَاصْطَلَى نارَهْ
هذا الذي عنكِ كانَ يَكْتُمُهُ
لَمْ تَبْلُغي منهُ أنتِ مِعْشارَهْ
وها هُوَ اخْتارَ ما يُحاذِرُهُ
فَلْيَهْنِهِ في الحِذارِ ما اخْتارَهْ
كادتْ تُعِيْقُ الرَّحيلَ رِقَّتُهُ
وَعَبْرَةٌ بادَرَتْكِ غَرّارةْ
رآكِ أثناءَ ما أَلَحَّ بهِ
إصْرارُهُ تَسْقُطِينَ مُنهارَةْ
وتارةً تُطْرِقِينَ واجِمَةً منه
وتَرْعَيْنَ لَحْظَهُ تارَةْ
وكانَ يَرنو إليكِ لَحْظَتَها
مُسْتَرْجِعاً شَجْوَهُ وتَذكارَهْ
عليكِ أَنظارُه غَفَتْ فرأى
في مُنْتَهَى ما رآهُ صَبّارَةْ
حتى إذا ما أَفاقَ وانْكَشَفَتْ
رُؤاهُ عنهُ اسْتَعادَ إصْرارَهْ
تُرَى شَعَرْتِ بالذي يُخَبِّئُهُ
لَحْظَةَ أَغْفَى عليكِ أَنظارَهْ؟
وهل تَوَحَّشْتِ مِن تَرَحُّلِهِ
فرُحْتِ تَسْتَتْبِعِينَ آثارَهْ؟
عُوْدي وَخَلِّيْهِ فهْوَ صُبْحَ غَدٍ
مسافرٌ في ضميرِ نَوّارَةْ
- د. فواز اللعبون