هذا هو عنوان مقطوعة شعرية حميمة خاطب بها الشيخ الأديب والشاعر المفوه الأستاذ/ عبدالله بن إدريس قبل سنوات مضت، حبيبة روحه، ورفيقة دربه. أم الأستاذ/ إدريس الدريس وأخيه الدكتور زياد الدريس. قصيدة عصماء لامست شغاف قلبي كما لامست شغاف قلوب الكثيرين من متذوقي المقطوعات الأدبية الرائعة النابعة من القلب والتي حلق بها كعزوفة أدبية متكاملة وقد أشاد بها الكثيرين. بعد هذه المقدمة القصيرة أنا أستنسخ هذه المقولة الجميلة بعد أن أستميح شيخنا عذراً لأضعها ترويسة لما أنوي تسطيره عن موضوع ألمس به وجه الشبه، فبعد أن سارت بي الأيام والشهور والسنين ردحاً من الزمن بحلوه ومره، وبعد أن أنعم الله عليَّ بتكوين أسرتي الخاصة ابتعت أرضاً في مدينة الرياض بغية أن أشيد عليها سكناً يضم بين جدرانه عائلتنا الصغيرة، وحصلت مثل غيري على قرض للمساهمة في بنائه، وبعد أن تم ذلك انتقلنا للإقامة فيه (الإنجليز يقولون بيت الإنسان قلعته)، ومثل ما رمت الأيام والشهور والسنين الأولى حتى كونت الأسرة وحصلت على الأرض والقرض، ها هي السنون تتصرم وتنقضي سراعاً والأبناء يشبون عن الطوق وكل ما حولنا يسير بسرعة كبيرة ويتغير وتجد أشياء وتتبدل مثلها، والنفوس تعشق التطور والتغيير والتجديد وتميل شمسنا للغروب وتشرق شمس الجيل الجديد والصاعد الذي له تطلعات وطموحات وآمال ونظرات تختلف عن ما لدينا ويرنون إلى التطوير والتجديد ومجاراة زمانهم وتحت الاقتناع والإقناع تتم الاستجابة لتطلعاتهم وطموحاتهم ورغباتهم في التحديث والتطوير والعصرنة، ويتم الإعلان عن بيع مسكن العمر وما عشناه من التقاءات وذكريات فيراودني شعور بالألم والحسرة على فراق مسكن عايشته أرضاً بيضاء وفي مكان قصي إلى حد ما آنذاك للبحث عن بديل جديد يؤوي بقية الأسرة ويدفئ عشها، وهكذا هي الحياة صعود وهبوط وسرور وكدر ونضال ومثابرة وكد للحصول على ما هو أجمل وأفضل، وأجد نفسي تردد بين جنباتها مقولة الشيخ الجليل أمد الله في عمره وعمر من توجه إليها بمقولته الشهيرة التي درجت على ألسن الكثيرين.. أأرحل.. أم ترحلين.. وأنا بترديدي هذه المقولة العذبة تتجه بوصلتي فيها إلى ذكريات وذكريات وجيران أنس ومحبة وقرب بيت من بيوت الله تسكن فيه النفوس وتستشعر قرب خالقها منها، وفي حي أعده من أفضل أحياء مدينة الرياض الحبيبة، وبعد ذلك نسأل الله أن يكون قادم أيامنا خيراً من ماضيها، ونسأل الله جنة عرضها السموات ولأرض أعدت للمتقين.. نسأل الله أن نكون جميعاً منهم.