في السعودية لدينا مشكلة كبيرة في العلاقات العامة، لا نحسن تسويق منجزاتنا للغير، وكنت أظن أن الإخفاق ينحصر في هذا الأمر فقط، أي أننا لا نهتم بصورتنا الخارجية، وحتى عندما تقدم حكومتنا مساعدات، لا تستفيد سياسياً وإعلامياً مما يتم تقديمه، واتضح أن المشكلة أكبر وأعمق، ففي الداخل أيضاً هناك عدم إحساس بما تقدمه الحكومة داخلياً لدى شرائح مختلفة من المجتمع.
وتستفيد من هذا الاخفاق قوى ماكرة تريد توسيع التباين والاختلاف بين المجتمع والحكومة، ويرفضون التقارب والتلاقي بين المسؤولين والناس، واللعب على الأوتار الحساسة لترسيخ حالة إحباط غير مبررة تعيشها أطياف من المجتمع تنساق خلف مروجوا الأكاذيب والراغبين في إحداث شرخ بالعلاقة بين المواطن وحكامه.
عندما تتحدث عن الحقيقة في “تويتر” على سبيل المثال، وتقول الحكومة لم تقصر في موضوع معين، أو تمتدح مسؤول كبير أو أمير نظير ما قدمه فعلاً، ينطلق في وجهك المحبطين والمشحونين وموجهيهم من المتلاعبين بالمشاعر والمزورين للحقائق، ويكيلون الشتائم والاتهامات بالنفاق والكذب والتزلف للسلطة!
حب الوطن في نظرهم نفاق، وامتداح الإنجازات كذب! والصدق بنظرهم مرتبط بمستوى انتقادك ورفضك ومعارضتك للدولة لماذا؟!
السبب برأيي المتواضع عمل هذه القوى على زعزعة الثقة بين المواطن والحكومة في ساحة تكاد تكون خالية من الهجوم المضاد على هؤلاء المأزومين، وعدم محاولة كشفهم، إلا باجتهادات شخصية متواضعة يقوم بها كتاب ومثقفين محبين لبلادهم بصدق وفي داخلهم ألم كبير مما يدور في مواقع التواصل من تجهيل وممارسات تستهدف مشاعر المواطنة النقية في نفوس الشباب.
الحكومة ليست ملائكة بالتأكيد وهناك أخطاء كبيرة، ولا يمكن تجاهل أي مشكلة تنموية أو مشكلة يعاني منها المواطن، ولكن بذات الوقت لا يمكن للدولة أن تحل مشكلات قديمة ومتوارثة في يوم وليلة، وهذا أيضاً لا يعني أن الدولة ليست مطالبة بوضع حلول سليمة وعاجلة.
لكن أن نتعامل مع الدولة بلا ثقة هذه كارثة كبرى، واستنساخ شعارات “ثورجية الربيع المزعوم” وبناء المواقف على معطيات موجودة في دول أخرى لا يمكن أن نقبل به مهما كان، لأننا دولة لها تقاليدها وأن نطالب بالتطوير والتحسين لا يعني هدم الدولة وزعزعة الاستقرار تحقيقاً لمصالح متطرفين في اليمين أو الشمال!
ألا يعلم هؤلاء الذين يهاجمون الوطنية، ويقللون من أهمية القرارات التي تصدرها الدولة من أجل المواطن، ويسرفون في إلقاء التهم بالفساد بلا معطيات ولا أدلة، إنهم يحيدون عن أخلاقيات تربينا عليها، ويخلطون بين الطموح بالأفضل والجموح في الاتجاه الخطأ.
دولتنا لو أصدرت قرارًا بمنح كل مواطن مليار ريال لن يمتدحها هؤلاء المأزومون، وفي المقابل لو قدمت دول أخرى أقل القليل لمواطنيها ستمدح الدول الأخرى وتشتم دولتنا، هؤلاء يجب مواجهتهم، وسحب البساط من تحتهم، حتى لا يتحكم أمثالهم بالرأي العام تحت شعار الإصلاح والحرية، شعارات يمررون من خلالها مخططهم لزلزلة الدولة.
الحقيقة التي يجب أن يعرفها هؤلاء أن المواطنة إيمان بالوطن والعمل بدأب واجتهاد لصالحه، وأن الرأي مهما كان مرحبًا به في بلاد لا تكمم الأفواه، نعم لا تكمم الأفواه طالما بقيت الآراء في إطار الدولة وبما لا يتعارض مع الأمن والاستقرار، ودولة لا تعذب السجناء ولا تتعسف ولا تبطش، ولا تصدقوا أهل المزاعم ومن سار خلفهم.
لا يريد منا الملك عبدالله ولا الأمير سلمان - حفظهما الله- نفاقًا أو تزلفًا أو شعارات تؤكد الولاء والانتماء، ولا يريدون تقبيل أنوف وأكتاف، يريدون مواطنًا صالحًا مؤمنًا بوطنه ويعرف أن الاستقرار الذي نعيشه بات حلمًا يحلم به “ثورجية الشعارات” في بلدان أخرى، فلا وألف لا لمن يريد تجاوز الثوابت السعودية والتي تعتبر خطوطًا حمراء رسمها لنا الأجداد، ولا وألف لا للمزايدة بالدين الذي هو دستور البلاد ومنهج حياة أبنائها، ولا وألف لا لمن يحاول التقليل من حرص الملك وولي عهده والنائب الثاني على تحسين معيشة المواطن وتحقيق احتياجاته، فالقرارات التي صدرت استثنائية خصوصاً في قطاع الإسكان، والقادم أفضل لأن المواطن على رأس الأولويات، هكذا سمعنا ورأينا ولمسنا.
Towa55@hotmail.com@altowayan